صفحة:دمعة وابتسامة (1914) - جبران خليل جبران.pdf/93

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
حكاية صديق
٧٥
 

ولكني كنت أحبه، أحبه محبة يساورها الأسف ويمازجها الإشفاق، أحبه لأن منكراته لم تكن نتائج نفس صغيرة بل كانت مآتي نفس ضعيفة قانطة، النفس أيها الناس تميل عن سبل الحكمة مكرهة وتعود إليها مريدة، وللشبيبة أعاصير تهب حاملة غبارًا ورمالًا تملأ الأجفان فتغمضها وتعميها، تعميها إلى أمد بعيد في أكثر المواطن.

أحببت هذا الفتى وكنت مخلصًا له؛ لأنني رأيت حمامة ضميره تغالب نشر سيئاته، فتغلب تلك الحمامة بقوة عدوِّها لا بخيانتها، الضمير قاضٍ عادل ضعيف والضعف واقف في سبيل تنفيذ أحكامه

قلت أحببته والمحبة تأتي بأشكال مختلفة، ففي الحكمة آنًا والعدل آونةََ، والأمل أخرى، فمحبتي له كانت أملي باستظهار نور شمسه الوضعي عَلَى ظلمة متاعبها العرضية، على أنني كنت جاهلًا أنَّى وأين تتبدل الأدرانُ بنقاوة،