صفحة:دمعة وابتسامة (1914) - جبران خليل جبران.pdf/81

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
الدهر والامة
٦٣
 


فوقفت الفتاة مذعورة، وأجابته بصوت يقطعه الوجل ويصله الحزن قائلة: «ماذا تبتغي الآن مني أيها الدهر!». ثم أومأت نحو أغنامها وزادت: «هذا بقايا قطيع كان يملأ الأودية.

هذه فضلة مطامعك فهل جئت لتستزيد منها.

هذه هي المسارح التي أجد بها دوس قدميك وقد كانت منبت الخصب والرزق، كانت نعاجي ترتعي رءوس الأزهار لبنًا ذكيًّا، فها هي الآن خُمص البطون تقضَم الأشواك وأصول الأشجار مخافة الفناء.

اتَّقِ الله يا دهر وانصرف عني، فقد كرهتني الحياة ذكرى مظالمك، وحببت إلي الموت قساوة منجلك.

اتركني ووحدتي أرشف الدمع شرابًا، وأتنشق الحزن نسيمًا، واذْهَبْ يا دهر إلى الغرب حيث القوم في عرس الحياة وعيدها، ودعني أنتحب في مآتم أنت عاقدها».