صفحة:حقوق النساء في الإسلام.pdf/17

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
‫الفصل الثاني‬

‫‫الجهة الاجتماعية‬‬

إنَّا نطلب تخفيف الحجاب ورَدَّهُ إلى أحكام الشريعة الإسلامية، لا لأننا نميل إلى تقليد الأمم الغربية في جميع أطوارها وعوائدها لمجرد التقليد، أو للتعلُّق بالجديد لأنه جديد، فإننا نتمسَّك بعوائدنا الإسلامية ونحترمها، ونرى أنها مزاج الأمة التي تتماسك به أعضاؤها، ولسنا ممَّن ينظر إليها نظره إلى الملابس يخلع ثوبًا كل يوم ليلبس غيره. وإنما نطلب ذلك لأننا نعتقد أنه لرد الحجاب إلى أصله الشرعي مدخلًا عظيمًا في حياتنا المعاشية. لسنا في مقام استحسان أمر واستقباح آخر لما فيه من موافقة الذوق أو منافرته، وإنما نحن بصدد ما به قوام حياة المرأة أو ما به قوام حياتنا.

‫كلامنا الآن في: هل يلزمنا أن نعيش ونحيى أو نقضي على أنفسنا بأن نموت ونفنى؟ هل علينا أن نهتز مكاننا ونرضى بما وجدنا عليه آباءنا؟ والناس من حولنا يتسابقون إلى منابع السعادة وموارد الرفاهية ومعاهد القوة، ويمرُّون علينا سِراعًا ونحن شاخصون إليهم، إما غير شاعرين بموقفنا، وإما شاعرين ولكنَّا حيارى ذاهلون؟ أوَمِنَ الواجب علينا أن ننظر كيف تقدم الناس وتأخرنا؟ كيف تقوَّوْا وضعفنا؟ كيف سعدوا وشقينا؟ ثم نرجع أبصارنا كَرَّةً ثانية في ديننا وما كان عليه أسلافنا الصالحون، ثم نقتدي بهم في استماع القول واتباع أحسنه، وانتقاد الفعل والأخذ بأفضله، ونسير في طرق السعادة والارتقاء والقوة مع السائرين؟ ذلك هو الأمر الخطير الذي وجَّهنا إليه نظرنا.

‫ها هي مسألة الحجاب من أهم المسائل، ولها مكان عظيم في شئون الأمة. إذا ترك القارئ نفسه لعواطفه واستسلم إلى عوائده ظهر له الحجاب في مظهر حسن لأنه ألِفَه في صغره، ونشأ بين المحجَّبات وعاش معهن حتى صار ذلك عادة مألوفة له، ثم إنه ورثه عن آبائه وأجداده، فلا يستغربه، بل يميل إليه ميلًا غريزيًّا ليس للعقل فيه مدخل، وإنما هو حركة ميكانيكية ليس إلا. وأما إذا نزع من نفسه العوامل التي أحدثت فيه‬