المانش لتفنيدها والرد عليها. فعكف هذا العالم على ما تسلم ورد رداً طويلاً تحت العنوان Capitulare de Imaginibus. وعرف مصنفه هذا بالكتب الكارولية. وظهر كارلوس في هذه الكتب الكارولية بمظهر الحكم بين آباء مجمع هيرية وآباء مجمع نيقية. وأغضى على أعمال أولئك وعاب هؤلاء واتهمهم بالافتراء على الأسفار المقدسة وأقوال الآباء. وفي السنة ٧١٤ دعا كارلوس إلى مجمع غربي في فرانكفورت للنظر في بدعة التبني التي كانت قد شاعت في إسبانية بعد دخول المسلمين إليها وفي قرارات المجمع المسكوني السابع. وعلى الرغم من وجود ممثلي البابا فإن هذا المجمع شجب أعمال المجمع المسكوني!1
اجتهاد بروتستانتي: وذهب العالم البروتستانتي الألماني أدولف فون هارنك (١٨٥١-۱۹۳۰) إلى أبعد من هذا. فرأى اختلافاً أساسياً بين موقف الكنيسة اليونانية وموقف شقيقتها اللاتينية من الأيقونات. فالكنيسة اليونانية في نظره كانت قد قدَّمت الخلاص من الموت على الخلاص من الخطيئة فرحبت بكل ما كان من شأنه أن يؤكد الخلود بعد الموت أو يصفه وصفاً مؤثراً في النفوس وراحت تزين الكنيسة بطقوسها تزييناً يترك في نفوس المؤمنين نموذجاً مما سيلاقونه من فرح دائم بعد الانتقال إلى الحياة الأبدية. ثم ذهب علاماؤها منذ القرن السادس يربطون هذه الطقوس بالعقيدة فيضعونها على مستوى واحد مع الأسرار المقدسة. فأصبح القول بإكرام الأيقونات جزءاً من الخريستولوجية الشرقية. وتجلت أهمية الأيقونات عند الجماهير بغيرة المحامين عنها وكره المؤمنين بها لكل من عاداها.
أما في الأوساط اللاتينية فإن الخوف من الخطيئة كان أشد من الخوف من الموت. فتساوى الخلاص والتحرر من الخطيئة ولمس المؤمنون شيئاً من الخلاص في حياة أرضية ملآنة بالإيمان والرجاء والمحبة. فقلت أهمية الأيقونات ولم تناظر الأسرار. ولم يتقن الآباء اللاتينيون الناحية اللاهوتية من قضية الأيقونات ولم تثر هذه القضية الأحقاد والضغائن في الغرب كما أثارتها في الشرق. واكتفى علماء اللاهوت في الغرب باعتبار الأيقونات أداة فعالة للتهذيب الديني2.
- ↑ AMANN, E., Querelle des Saintes Images, op. cit., VI, 120-127.
- ↑ HARNACK, A. von, Der Geist der Morgenlandischen Kirche im Unterschied von der Abend- landischen, Sitz. der Kgl. Preus. Akad. der Wissenschaften, 1913, 157-183; MARTIN, E.J., Hist. of the Iconoclastic Controversy, 222-273; BREHIER, L., Querelle des Images, 57-62.