صفحة:حرب في الكنائس.pdf/24

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تم التّحقّق من هذه الصفحة.
٢٦
حرب في الكنائس

اضطهادات لاوون: وتتوافق المراجع على اتخاذ إجراءات منظمة في حق من عارض التحريم منذ وصول أنسطاسيوس إلى الكرسي القسطنطيني1. ولكنها تختلف في التفصيل. فنيقيفوروس يذكر التنكيل والتعذيب الذي حل بالمؤمنين الحسني العبادة. ورسائل رومة تشير إلى التشويه وقطع الرؤوس. وثيوفانس يؤكد أن عدداً كبيراً من الإكليروس والشعب والراهبات نالوا إكليل الظفر. وتضيف رسائل رومة أنه توجب على كل من اقتنی أيقونة أن يحملها إلى باحة من باحات العاصمة لإحراقها. ويؤكد صاحب حياة القديس أسطفانوس أن كثيرين هجروا القسطنطينية وأن والدي أسطفانوس قاما إلى خلقيدونية ومنها إلى جبل القديس أوكسنذيوس لإيفاء النذر2.

وفي هذه الظروف عينها هبَّ يوحنا الدمشقي يشارك أبناء الكنيسة في الدفاع عن الأيقونات بخطب ثلاث شرح فيها معتقد الكنيسة الجامعة ودعم تعاليمها ببراهين قاطعة وبلغة بليغة وقلم سيال. فراع لاوون ما رآه من ظهور هذا الخصم الجديد ولا سيما وأن يده لا تستطيع أن تناله بسوء فحصل كتابة من خط يوحنـا وزوَّر على لسانه رسالة كأنها مكتوبة منه ومرسلة إلى الفسيلفس يشرح فيها حالة النصارى السيئة ويبين مواطن الضعف في الدولة الأموية ويستحث الفسيلفس على استعادة سورية ويعده بالمساعدة. وخطب لاوون ود عمر بن عبد العزيز ثم أطلعه على «خيانة» يوحنا. فاستشاط عمر غضباً وأمر بقطع يد يوحنا3.

«وعاد يوحنا إلى بيته يجر أذيال العار والدم يقطر من يده البريئة الطاهرة. وجاء وانطرح أمام أيقونة البتول وأخذ يكلمها بلهجة العاتب المحب ويقول: كيف سمحت يا سيدتي بأن يقع في هوة الذل السحيقة ولدك هذا الذي إنما دافع عن عبادتك وعن أيقوناتك ويفقد يده النقية ويخسر مقامه الرفيع! وبكى كثيراً وصلى وتضرع. وأخذه النعاس فنام. فتراءت له البتول وشجعته وطيبت قلبه واقتربت إليه وأعادت إليه يده المقطوعة صحيحة مثل الأخرى. وذهب يوحنا إلى الخليفة وأراه يده كاملة. فدهش الخليفة وسأل يوحنا عن الخبر. فقص عليه ما جرى وكيف أن لاوون أراد الانتقام فلجأ إلى التزوير وكيف أن البتول مريم نظرت


  1. Nicephore, Breviarum, 59; THEOPHANES, Chron., a. 6221; Liber Pontificalis, I, 409
  2. Vita Stephani Junioris, P.G., Vol. 100, Col. 1088.
  3. Patr. Gr., Vol. 94, Col. 1232-1284, 1284-1318, 1317-1420.