جعلوا فداء كل من المسلمين والنصارى مائة وخمسين ريالا ، ويقابل الرجل بالآخر فمن زاد عنده أسير أعملي ذلك و لم ينقضوا من صلحهم الأول شيئاً . فكانوا يدخلون عليه كما كانوا يفعلون بمن قبله ، غير أنه لقوة إيمانه لم يدخلهم محلا به فراش يطشونه بأقدامهم المنحلة قط وطالت أيامه وغلبه على أمره قواده والترك ، فكان القواد يفرونه منصور این خليفة لما كان منه من إمانة مراد ، فكان يغض من حقه ، فتوحش منصور ذلك وامتنع من المثول بين يدي محمد الامام، وبلغته منه أشياء استغلظها من وكرهها ، فجمع أمره واستشار أرباب دولته في تجهيز جند إليه قلبوا أمره ، فشرع في تجهيز الجند ، فبعث إليه جيشاً كبيراً فيه عامة قواده ورؤساء أخبية مسكره، و كان قائده يومئذ يوسف بك وانضم إليهم أكثر العربان العلو نفس منصور عليهم . فلما بلغ منصوراً الخير فر أمامهم متوجهاً لأرض برقة فلحق بنجع صرت واعرابها بتاورغاء و توجه معهم ، فلما نزل محلا يقال له أم الجن (1) بين تاورغاء والهيشة على مسافة ساعات من كل الناحية الجنوب من تاورغاء والناحية الغرب . وهما بلدان الناحية الجنوب من مصراتة وبين تاورغاء . الهيشة . ومصر رائة أقل نصف مرحلة ، وهو بلد متسع الساحة ليس به نبات ولا شجر إلا النخل و به من منه ما لا يحصى كثرة وهو أنواع مختلفة ، و به عين ماء عذب لا نظير له في القوة ومنه تتفجر أنهار تاورغاء . والهيشة بلد صغير بين القبلة والجنوب من تاورغاء وكل منهما في أرض سبخة لا تنبت سوى النخل ، ويسقى تخلعها من العيون ، غير أن عيون الهيشة صغيرة قليلة النفع عكس تاورغاء
ولما التقى الفريقان بذلك المحل كانت الوقعة لمنصور عليهم وقتل من رؤساء
(۱) وهي شهاب اذا جاء المطر يسب من ماء في وادي زمزم بطرابلس