صفحة:تاريخ الآداب العربية في الربع الأول من القرن العشرين (1926) - لويس شيخو.pdf/98

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

فتطمس جمال لغة أجدادنا وتبسط الفوضى بين الكتاب وتبث بين البلاد العربية روح النفور والاستبداد إذ لم يبق بيننا وبينها رابط يجمعنا لما في كل لهجة من الاختلاف والتباين وأخذ غيرهم يتصرفون أيضا بالبحور الشعرية تصرفا زائدا نزع عنها رونقها ومسحة جمالها وكادت تشبه النثر كما فعل أصحاب النثر الشعري فجاءت كتاباتهم لا نثرا ولا شعرا ليس لها من العربية إلا ألفاظها وقشرتها دون لبابها وجوهرها

[الباب الأول]

[في الأدباء المتوفين في الحقبة الثالثة]

[1 - أدباء الإسلام المتوفون في هذه الحقبة]

لما أخذت تلوح بوارق الصلح بين الدول المتحاربة سنة 1918 رحل إلى دار البقاء أحد أدباء مصر (الشيخ عبد الكريم سلمان) درس في الأزهر مع الشيخ الإمام محمد عبده فتعاشرا وتصادقا. ولما قام الأستاذ بنهضته لإصلاح أمور الإسلام كان الشيخ عبد الكريم عضده ونصيره فشاركه في تحرير الوقائع المصرية وفي إصلاح التعليم في الجامع الأزهر وقد نشر خلاصة أعمال مجلس إدارته في عشر سنين فكان لكتابه تأثير عظيم في كثير من مواطنيه لكنه أوغر عليه قلوب غيرهم. فأيس من الإصلاح. ومن ظريف ما أخبره منشئ المنار الإسلامي (20: 440) من نفسه ما رآه من يأس الشيخ سلمان من صلاح حال أمته فروى ما ننقله بحرفه الواحد: (كان يصرح بذلك ويحتج علي الأستاذ الإمام قائلا: سترى ما ينتهي إليه أملكما في هذه الأمة الميتة وما يبلغه إصلاحكما من هذه الشعوب الفاسدة. وله كلمة في هذا المعنى قالها لأستاذنا الشيخ حسين الجسر ألبسها كعادته ثوب الدعابة والهزل. وقد كنا بدار الأستاذ الإمام نتحدث بما أشيع من رغبة الأمة اليابانية في التدين بدين الإسلام. قال الشيخ حسين الجسر: إذا يرجى أن يعود إلى الإسلام مجده. قال الفقيد: دعهم فإني أخشى إذا صاروا منا أن نفسدهم قبل أن يصلحونا. ذكرت هذا في ترجمة الرجل لما فيه من العبرة المحزنة) فتأمل!

وفي كانون الثاني من السنة 1919 توفيت في القاهرة إحدى أديبات مصر النابغات في الإسلام كعائشة تيمور نريد بها (ملك هانم) كريمة حفني بك ناصف التي اشتهرت بلقب باحثة البادية وسعت بإصلاح أحوال بنات جنسها في القطر المصري