صفحة:تاريخ الآداب العربية في الربع الأول من القرن العشرين (1926) - لويس شيخو.pdf/81

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

مستطلعا أسرارها متسائلا ... عما حوت من أعظم الأجسام

فبدا لي التاريخ في صفحاته ... متمثلا متحركا قدامي

ورأيت خلقا لا يعد عديدهم ... يستاقهم فرعون كالأنعام

صفر الوجوه شعورهم مغبرة ... حسني الظهور لشدة الآلام

تعلو القروح جلودهم وتسيل من ... قمم الرؤوس لمنبث الأقدام

من قرع أسواط وشد سلاسل ... في جر أثقال ونقل ركام

كل يئن مرددا لشكاية ... وللعنة المظلوم للظلام

فكأنما الأحجار أكباد الورى ... مرصوصة والرمل دمع الرامي

وكأنما الأهرام شبه نواجذ ... شهدت لنا بشراسة الحكام

فدهشت ثم سألت محتشما أبا ... الهول الصموت الكشف عن إيهامي

وهو الأمين أكمل سر غامض ... حرصت عليه جوانح الأيام

يحمي خبايا العاديات كحارس ... يقظان يحجبها بستر ظلام

فتبسم الصنم القديم تعطفا ... وأجابني من بعد رد سلامي

إن كنت تحسب ما رأيت حقيقة ... أخطأت فهو محصل الأوهام

هذي الشواهق شخصت فيما مضى ... أثر الحجى ومآثر الأعلام

لو عادت الأسلاف يوما بينكم ... لبكت على الأخلاق والإفهام

وعلى ظننا أنه قبل نهاية الحرب حلت وفاة أديب آخر ترجمه الأستاذ الفاضل عيسى أفندي اسكندر المعلوم وهو (ميخائيل جرجس ديبو) من الأسرة المعلوفية (1) ولد في طرابلس الشام وتخرج في مدارسها الوطنية وفي مدارس المرسلين ثم تنقل في البلاد وتقلد عدة وظائف في خدمة الدولة الإيرانية في آطنة وطرطوس ثم عاد إلى وطنه ولزم الآداب والتأليف فألف عدة روايات من جملتها رواية داود وشاؤل والشيخ الجاهل والإمبراطور شرلمان. وله منظومات عديدة جمعها في كتاب دعاه الشعر العصري وقسمه أربعة أقسام تبلغ أربعمائة قصيدة بنيف. روى البعض منها الأستاذ عيسى أفندي اسكندر المعلوف في كتابه (دواني القطوف في تاريخ بني المعلوف) (ص598 - 610م)