صفحة:تاريخ الآداب العربية في الربع الأول من القرن العشرين (1926) - لويس شيخو.pdf/80

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

مدارس فأصبح أوحد في الرياضيات واللغويات وعلم الشريعة. وقد أبقى آثارا عديدة تنطق بفضله منها رسائل لغوية فريدة كاللمع والنواجم في اللغة والمعاجم ومنها حسابية كمدخل الطلاب في علم الحساب وكلمحة الناظر في مسك الدفاتر. وكان الفقيد شديد التمسك بدينه كما بين ذلك بردوده على مزاعم البروتستانت الباطلة في كتابيه الممتعين (الأدلة الغراء على سمو شأن مريم العذراء) ثم (تحقيق المقال في أن الخلاص بالأيمان والأعمال) . وقد وقفنا له على كتاب مخطوط أثبت فيه بتولية القديس يوسف ردا على أحد أساقفة طائفته السيد الهواويني

وممن فقدتهم الآداب في آخر سنوات الحرب الكونية الصيدلي والأثري الشرقي (مراد بك البارودي) توفاه الله في 15 شباط سنة 1918 كان مغرما بالآداب والآثار العربية فجمع منها قسما كبيرا من جملتها مكتبته الحاوية على عدة مئات من المخطوطات النفيسة فباعها ابنه من أغنياء الأميركيين. وكان مراد بك كثير الإطلاع نشر في الكلية والمقتطف والطبيب عدة مقالات عن مآثر العرب وعن المسكوكات والعاديات

وفي 6 تموز من السنة استأثر الله بأديب آخر من الطائفة الملكية الكاثوليكية (فتح الله جاويش) الكاتب الضليع. له فصول سياسية وأدبية وتاريخية في الجرائد الوطنية أصاب فيها لفظا ومعنى. وقد أبقى بعد وفاته آثارا كتابية أطلعنا على قسم منها فأخذنا العجب من سعة معارفه وحسن إنشائه. وكان أيضا من المتشبثين بروح الدين والتقى لم يخجل عن الدفاع عن إيمانه بازاء الخصوم

وفيها توفي بعيدا عن الوطن أحد أدباء حلب (جرجي الكنديرجي) مات في فرنسة سنة 1918 بعد أن كان نزح مع أسرته عن الشهباء فرارا من ظلم الأتراك سنة 1898. وقد عني أخوه بجمع ونشر نخبة من ديوانه روت عنه مجلة المسرة الغراء (8 (1922) : 470 - 472) بعض مقاطيعه المعربة عن جودة قريحته. منها هذه الأبيات التي قالها إذ زار الأهرام ورأى ما فيها من التصاوير الهيروغليفية وعاين بازائها أبا الهول فقال يذكر تلك الآثار المشيدة بتسخير الألوف من العبيد:

إني وقفت بساحة الأهرام ... والبدر يسطع في الفضاء السامي

وأجلت طرفي حولها متنقبا ... متهيبا لجلالة الأجسام