صفحة:تاريخ الآداب العربية في الربع الأول من القرن العشرين (1926) - لويس شيخو.pdf/63

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

وقد ألف لتدريسهم كتابه الخلاصة الجليلة في قواعد اللغة العربية في جزأين ونشرنا له في المشرق مقالات لغوية وتاريخية وانتقادية غاية في الحسن والدقة. وكان المذكور ضليعا أيضا بعلم الآثار فشر بالفرنسوية والإيطالية كتبا حسنة منها كتابه عن دار بيلاطس وعن موقع بيت أيل ومكان وفاة مريم العذراء والتحفة الكريمة في الجمعة العظيمة.

وفي هذه الحقبة الثانية خسرت رسالتنا السورية بعض مرسليها العاملين الذين تركوا آثارا طيبة من قلمهم. نخص منهم بالذكر الأب (أنطون رباط) الذي كانت تبنى عليه آمال طيبة لخدمة الآداب والوطن فاستأثر به الله في 11 أيار سنة 1913 وهو لم يتجاوز السادسة والأربعين من عمره ومع قصر حياته أمكنه أن ينشر قسما حسنا من الآثار التي كان جمعها في خزائن أوربة. فمن ذلك مجلدان في عدة أجزاء نشر فيها آثار تاريخية جليلة عن كنائس الشرق منذ القرن السادس عشر. ومن مطبوعاته الممتعة روايته التمثيلية البديعة في نكبة البرامكة ومقالاته عن صحة الأناجيل المقدسة وسلامتها من كل تحريف وعدة آثار تاريخية قديمة كرحلة أول شرقي إلى أميركة وترجمتي الأسقفين ناوفيطس نصري وعبد الله قرأ ألي وقد ترك مخطوطات لم يسمح له الوقت بنشرها.

وفي الجمعة الأولى من الحرب العمومية في آب 1914 أصيبت رسالتنا بفقد كاهن آخر ترأس على كليتنا في بيروت مدة سبع سنين وهو الأب (جبرائيل أده) الذي توفي في القاهرة وهو ساع في لقاء مواعظ رياضة روحية هناك. كان خدم سنين طويلة الآداب العربية بالتدريس والتأليف. تكرر مرارا طبع كتابه القواعد الجلية في علم العربية. ولم يذخر وسعا في تعزيز اللغة العربية بين الناشئة.

وانتقل أيضا إلى جوار ربه في زمن الحرب في غزير الأب (أدوار سازاني) في غرة شباط سنة 1916. خدم الآداب الدينية بتعريب بعض الكتب التقوية في العبادة نحو مريم وفي حب يسوع المستقيم.

وفي 28 أيلول من تلك السنة قتل في الحرب الكونية بينما كان يتفانى في ساحة الوغى بعلاج الجرحى الأب (فردريك بوفيه) الذي كان علم الآداب والبيان في كليتنا وعني بجمع تاريخ مطول لسورية من عهد الفتح الروماني إلى زماننا فطبعه على الحجر بالفرنسوية في نيف و600 صفحة. ونشر في مجلة الشرق المسيحي تاريخ