صفحة:تاريخ الآداب العربية في الربع الأول من القرن العشرين (1926) - لويس شيخو.pdf/50

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

(ليس حقيقي بأنه يوجد بين الدين والعلم خلاف حقيقي لا في الحال ولا في الاستقبال ما دام موضوع العلم هو معرفة الحقائق المؤسسة على الاستقراء. فمهما كثرت معارف الإنسان لا تملأ كل فكرة بعد كل اكتشاف يتحققه العلم يبح عن اكتشاف آخر وفي نهاية كل مسألة يحلها تظهر مسألة جديدة تطالبه بحلها. الآن وغدا يشتغل عقل الإنسان بالعلم أي بالمعرفة الحوادث الثابتة ولا يمنعه ذلك من التفكر في المجهول الذي يحيط به من كل طرف ... ) وفي السنة 1911 توفي الله عالما ثالثا بالحقوق (عمر بك لطفي) مولود الإسكندرية سنة 1867 تلقى العلوم في مدرسة أخوة المدارس المسيحية ثم دخل مدرسة الحقوق في القاهرة ونال شهاداتها بل برع في فنونها حتى انتدبته الحكومة للتدريس فيها. ثم تفرغ للمحاماة وخص نظره بالاقتصاد فعرف كأحد مصلحيه وصرف نظره للزراعة وظهرت ثمار سعيه في مشروعات وطنه لمصلحة الأمة الاقتصادية والاجتماعية وأنشأ لذلك الأندية والنقابات ونشط دروسها في الشبيبة فأدى بهمته لمصر خدمات مشكورة ساعدت على رقي قطر النيل.

وكان عمر بك لطفي من أرباب الكتابة ألف عدة تآليف في شرح المواد القضائية وفي الامتيازات الأجنبية. وله في الأفرنسية أيضا تآليف مختلفة في الشرع الإسلامي كالدعوى الجنائية في الشريعة الإسلامية وحقوق المرأة فيها. وقد رثاه أمير شعراء مصر شوقي بك بقصيدة فريدة أولها:

اليوم أصعد دون قبرك منبرا ... وأقلد الدنيا رثاءك جوهرا

وأسفت الصحافة المصرية في السنة 1913 على فقد أحد أربابها الممتازين الأستاذ الشيخ علي أبي يوسف الأزهري. ولد سنة 1863 ودرس اللغة والفقه في الجامع الأزهر ثم أحس يميل للآداب فتمرن عليها ونظم الشعر فنشر ديوانه نسمة السحر. وفي السنة 1885 أنشأ مجلة علمية أدبية سماها الآداب ثم عدل بعد مدة منها إلى جريدة المؤيد السياسية حررها سنين طويلة وأكسبها بقلمه شهرة واسعة ونفوذا عظيما حتى عد كمؤسس الصحافة الإسلامية في القطر المصري لدى كبار الدولة مقاما معتبرا بعد تذليله كل العقبات التي صادفها في سبيله. ومن ظريف شعره وصفه للربيع:

أنج نحو الرياض عند مياه ... طاب فيها الورود للظمآن