صفحة:تاريخ الآداب العربية في الربع الأول من القرن العشرين (1926) - لويس شيخو.pdf/49

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

فقوموا واطلبوا للنيل عزا ... ولا تبقوا بذل كي يسرى

وسيروا نحو هذا القصد حتى ... تنادوا أجمعين بعز مصرا

ودونك مثالا منة نثره في تربية الإناث وفي التهذيب والتربية الدينية: (يجدر بي أن الفت أنظاركم عموما إلى أمر بن خطيرين: أولهما تربية البنت لأزمة وضرورية لأنها ذات الشأن الأول في تربية الأطفال متى صارت أما ورئيسة عائلتها وهي التي عليها الجزء الأعظم من أعمال هذا الوجود. وثانيهما أن تعليم البنين والبنات العلوم والفنون لا يفيد وحده بل يجب قبل كل شيء تربية الروح حتى يصير الطفل متى شب رجلا شجاعا ممتلئا بالوطنية الحقة قائما بالمبادئ الجنسية. وتصير الطفلة متى شبت امرأة رشيدة مدبرة تعلم أبناءها محبة البلاد وتغرس في قلوبهم وجوب التفاني في خدمة الأمة وفي أعلاه شأن الوطن العزيز. فتكون بذلك المدارس منبع حياة الأمة ومصدر وجود جديد ...

(ويجب قبل كل شيء أن تكون التربية الدينية أساس التعليم والتهذيب. فالدين عاصم من الدنايا رادع عن الخطايا معلم للفضائل محبب الكمالات. وإذا بحثا مدققا عن سبب تأخر المسلمين في سائر البلاد لوجدنا الأسباب كلها مجتمعة في سبب واحد وهو إننا ابتعدنا عن الدين وقصرنا في إتباع أوامره واجتناب نواهيه ... ) وفي تلك السنة ذاتها فقدت مصر أديبا آخر كان أيضا من الدعاة إلى الإصلاح أعني به (قاسم بك أمين) المولود سنة 1865 والمتوفى في 21 نيسان 1908 وهو في عز كهولته. درس على نفقة حكومة مصر في فرنسة وعاش زمنا بين أهلها ورأى ما للمرأة الفرنسوية من المنزلة الرفيعة في وطنها وما لها من الفضل في تربية بنيها وترقية وطنها. فلما عاد إلى مصر بعد درسه الحقوق ترقى في كل دوائر الشرع. ثم خص نفسه بتحرير المرأة المسلمة إذ رأى بانحطاطها والتضييق عليها آفة على الوطن والتمدن. فسبق إلى المجاهرة بوجوب رفع الحجاب وبإعطاء المرأة الحرية المعقولة وبتحوير سنن الأضرار والطلاق إلى غير ذلك مما تسعى اليوم الجمهورية التركية إلى إصلاحه بين الأتراك. ولقاسم أمين عدة تآليف في هذا المعنى وأسباب ونتائج كتحرير المرأة وخواطر قاسم أمين والواجب على المرأة لنفسها ولعائلتها. ولم يكترث لما وجده في مواطنيه من المعاكسات وله محاضرات ومقالات عديدة في غير مواضيع. وهو في كل كتاباته يجري جريا واحدا يتعمد إقناع القراء. أكثر منه خلب عقولهم بطنطنة الكلام وتزويق الإنشاء. ودونك ما قاله عن الخلاف المزعوم بين الدين والعلم: