صفحة:تاريخ الآداب العربية في الربع الأول من القرن العشرين (1926) - لويس شيخو.pdf/46

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

هي الثورة ويومها العبوس الرهيب ألوية كالشقيق تموج. تثير القريب. تثير البعيد وطبول تردد صدى نشيد عجيب وأبواق تنادي كل سميع مجيب وشرر عيون القوم يرمي باللهيب ونار تسأل هل من مزيد. وسيف يجيب. وهول يشيب ويل يومئذ للظالمين. ويل لهم من كل مريد مهين طلاب للحق عنيد مدين. ويل للمستعزين والمستأمنين هي ساعة الظالمين وهي طويلة على هذه الشاكلة. ولو أردنا انتقادها وبيان نقائصها النثرية والشعرية والمعنوية لطال بنا الكلام. وقس عليها فصولا عديدة من جنسها أعني طنطنة ألفاظ وشقشقة لسان وإذا حاول الأديب استخلاص معانيها بقي متضعضعا مرتابا وكم مثلها في كتابات جبران. ودونك فصله المعنون بالأرض: تنبثق الأرض من الأرض كرها وقسرا ثم تسير الأرض فوق الأرض تيها وكبرا وتقيم الأرض من الأرض القصور والبروج والهياكل وتنشئ الأرض في الأرض الأساطير والتعاليم والشرائع ثم تمل الأرض أعمال الأرض فتحوك من هالات الأرض الأشباح والأوهام والأحلام ثم يراود نعاس الأرض أجفان الأرض فتنام نوما هادئا عميقا أبديا ثم تنادي الأرض قائلة للأرض أنا الرحم وأنا القبر وسأبقى رحما وقبرا حتى تضمحل الكواكب وتتحول الشمس إلى رماد فلعمري هذه الغاز لا شيء فيها من منظوم رائق ولا منثور شائق هي أقرب إلى الهذيان والسخف منها إلى الكلام المعقول. ولو شئنا لجمعنا من هذا الصنف صفحات تضيق عنها أعداد المشرق. وشتان بينها وبين فصول أخرى بديعة لبعض الكتبة البلغاء كمثل فصل رويناه في المشرق عنوانه (الموسيقى) لصديقنا وفخر كليتنا الأديب يوسف أفندي غصوب (راجع كتابه أخلاق ومشاهد ص117) وكفصله (أيها الصليب) (المشرق 22 (1924) : 463) فإذا استثنينا هذه الفصول الرائعة التي عرف صاحبها من أين يؤكل الكتف لصدقنا على قول الكاتب الأديب مصطفى أفندي صادق