صفحة:تاريخ الآداب العربية في الربع الأول من القرن العشرين (1926) - لويس شيخو.pdf/32

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

سافر إلى باريس متاجرا ونشر فها جريدة الحقوق ثم أعقبها في مصر بمجلة الحضارة فلم تطل حياتها بسبب الثورة العرابية. ثم عاد إلى الصحافة كمنشئ ومحرر ومكاتب إلى أن أصيب بمرض ألجأه إلى السفر إلى أوربة انتجاعا للعافية فمات في مدينة نابولي. ومن آثاره روايات مختلفة أدبية وقصائد قليلة. فمن قوله في وصف الدنيا الغرور:

تالله ما الدنيا بدار يبتغى ... فيها الثوا ويطيب فيها المسكن

كلا ولا الدهر عهد يرتجي ... منه الوثوق وليس منه مأمن

والأرض يورثها الإله عباده ... هذا يسيء وذاك عكسا يحسن

والمرء مرمى الموت فهو إذا نجا ... منه النهار ففي غد لا يمكن

وفي العام التالي في 26 ت1 1907 خسرت الدولة التركية والوطن السوري أحد المخلصين في خدمتها المرحوم (خليل الخوري) المولود في الشريفات سنة 1836 درس في مدارس طائفته وتحت إدارة بعض المعلمين الخصوصيين. وهو أول من فكر في نشر جريدة عربية في بلاد الشام فأبرزها إلى النور سنة 1858 تحت اسم حديقة الأخبار فصار لها بعض الرواج ونشرها على مدة باللغتين العربية والافرنسية وساعد بذلك على نهضة البلاد العربية وانتدبته الدولة التركية لخدمتها فشغل عدة مأموريات كمفتش للمكاتب ومدبر للمطبوعات ومدير الأمور الخارجية وهو يراعي سياسة دولته التي أعربت له عن رضاها ومنحه أوسمتها كما نال أيضا امتيازات بعض الدول الأجنبية لحسن تصرفه. وكان خليل الخوري أحد الشعراء القليلين الذين نبغوا في أواسط القرن التاسع عشر في سورية تشهد له منظوماته العديدة كزهر الربى في شعر الصبا والعصر الجديد والنشائد الفؤادية والسمير والأمين والشاديات والنفحات. وفي شعره طلاوة ورقة لم يعهدهما شعراء زمانه إلا الشيخ ناصيف اليازجي معاصره. وهذه بعض أمثلة من نظمه. قال في وصف لبنان:

أنا في ربى لبنان فوق رؤوسه ... نحو الكواكب للعلى مجذوب

برياضه حيث المقام منزه ... وغياضه حيث المزاج يطيب

أنساب في جو الهواجس حيثما ... كفي إلى هام النجوم طلوب

أهوى بلبنان التوحد إنما ... هوسي إلى حيث الإله قريب