صفحة:تاريخ الآداب العربية في الربع الأول من القرن العشرين (1926) - لويس شيخو.pdf/31

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

ورأوا المياه تلاطمت أمواجها ... وعلت عليهم كالجبال وصاحوا

طمت المصيبة فالمنية قد دنت ... آها أليس من الهلاك مراح

لكن على سطح الخضم سفينة ... وعلى مقدمها يرى مصباح

قد أقبلت وتطايرت لخلاصهم ... شكرا لجدك أيها الملاح

فيك النجاة وليس غيرك يرتجي ... وإليك كل قلبه ملتاح

هاقد تقدمت السفينة نحوهم ... فنجا بها قوم وفيها راحوا

لم ينأ عنها غير من أثروا ... شرب الحتوف فذي الفعال قباح

شاموا البروق فأملوا من الهدى ... خابت ظنونهم فليس نجاح

لا نور في غير السفينة فأعلموا ... من ينأ عنها ضاء منه صلاح

جدوا أيا غرقى وأموها يقو ... دكم إليها نورها الوضاح

جدوا فليس لكم خص دونها ... ولجمعيكم فيها الدخول مباح

أعداؤها سخروا بها قبحا لهم ... قالوا بأن ستحطم الألواح

فالموج يصدمها فيدفعها فلا ... أمل لنفس بالنجاة متاح

وإذا بصوت صارخ: كن آمنا ... بين السفينة والخضم كفاح

فسفينة الصياد تقهر خصمها ... أبدا لأن لها الصفا ملاح

للحين عاد النوء صفوا رائقا ... وعن البلايا زالت الأتراح

وقد أحب تلامذته وأصدقاؤه أن يقيموا له ضريحا لائقا في مقبرة طائفته في رأس النبع تكلفوا عليه مبلغا وافرا فنصبوه له في حفلة خاصة عينوها في أواسط أيار سنة 1910 ونقشوا على صدره الأبيات التالية:

حياك يا قبر منا غيث أدمعنا ... وجادك الله من أسنا عطاياه

ضممت كنزا ثمينا دونه نهج ... تسيل حزنا وتدمي القلب ذكراه

قد قدر الله أن نبك عليه فتى ... غضا فصبرا على ما قدر الله

يا ساهر العين في التاريخ دامعها ... حيي النجيب فهذا القبر مثواه

وفي شهر تموز من تلك السنة 1906 أدركت المنية أديبا آخر من أسرة فاضلة في بيروت (ميخائيل بن جرجس عورا) مولد عكا في السنة 1855 وخريج المدرسة البطريركية في أول منشأها. درس فيها العربية على الشيخ ناصيف اليازجي ثم