صفحة:تاريخ الآداب العربية في الربع الأول من القرن العشرين (1926) - لويس شيخو.pdf/26

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

أيها الطالب البيان وعلم م ... المنطق الحق نصه والنقولا

لا تجد السرى وحسبك مصر ... لبلوغ المنى وفيها نقولا

وفي السنة التالية في 25 تشرين الثاني 1906 ذهب الموت بحياة سوري آخر أدى في مصر خدما مشكورة للآداب العربية وهو (الدكتور نقولا نمر) أحد مراسلي مجلة المقتطف. كان مولده في حاصبيا سنة 1858 وأتت به أنه مع أخوته إلى صيداء ثم إلى بيروت بعد أن قتل ولده في حوادث السنة 1860 فتربى نقولا في المدارس الإنكليزية ثم في الكلية الأميركية وفي السنة 1876 درس في إحدى مدارس دمشق ثم عاد إلى الكلية فدرس فيها الطب ونال شهادتها وله في مجلة الطبيب فصول طبية تشهد له بحسن النظر والذكاء. ثم رحل إلى مصر وتعاطى فيها الطبابة منتظما في سلك الجيش المصري منتقلا معه إلى أصوان فوادي حلفا. ثم سافر إلى أميركة وواجه رئيس الولايات المتحدة ونشر تفاصيل رحلته إليها في مجلة المقتطف وكذلك رحل إلى أرثرية والحبشة فحرر أخبار سفره إليها مع ما وجده فيها مما يلذ القراء من الأمور الطبيعية وأخلاق البشر. وكأن هذه الأسفار أثرت في صحته بحيث لم تنجح في علاج دائه حيلة الأطباء وكان أتى بيروت مؤملا الشفاء فزاد مزاجه انحرافا فرجع إلى مصر وتوفي فيها بعد قليل.

وفي 24 ك2 1907 قبضت المنون روح أدباء بيروت المستوطنين للقاهرة وهو (جميل بك نخله المدور) من أسرة معروفة في الشام بفضلها وأدب أصحابها. وكان المذكور مولعا بالتنقيب عن آداب العرب وتاريخ الأمم الشرقية القديمة. فصنف في حداثته تاريخ بابل وآشور وسبكه سبكا حسنا وأخرجه بعبارة بليغة وعرب كتاب التاريخ القديم ورواية (أتالا) أشاتوبريان. وإنما أفضل تأليفه كتابه (حضارة الإسلام في دار السلام) روى فيه على صورة رحلة خيالية لبعض أهل الشيعة ما ورد في تأليف المؤرخين والأدباء عن أحوال المملكة في أيام هارون الرشيد وهو فكر حسن اقتبسه الكاتب من أحد أدباء الفرنسويين المدعو برتلمي الذي روى على هذه الصورة سفر أحد الأجانب المدعو أناكرسيس (Anacharsis) إلى جهات اليونان قبل وفاة الاسكندر واصفا ما يستحسنه من عادات اليونان وأخلاقهم وعلومهم. ومثله سفر تليماك الفنيلون أسقف كمبراي. وهذه نبذة من تلك الحضارة تطلعك على أسلوب