صفحة:تاريخ الآداب العربية في الربع الأول من القرن العشرين (1926) - لويس شيخو.pdf/15

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

قسما حسنا وإنما تغلب عليه الأدب وأغرم بالشعر العربي وأتقن اللغتين التركية والفارسية وتقلب في المناصب العسكرية وحارب مع الأتراك في الحرب الروسية سنة ١٨٧٧. وكانت مصر أنفذت لمساعدة الدولة العثمانية نجدة كانت فرقته من جملتها فكوفي لحسن بلائه برتبة اللواء وتعين سنة١٨٧٩ مديرا للجهة الشرقية. ثم تولى نظارة الحربية ثم الأوقاف ثم المعارف. وكان له يد في الثورة العرابية فنفي إلى سيلان ثم عفي عنه وعاد إلى وطنه وانقطع فيه إلى الآداب إلى سنة وفاته وكف بصره في أواخر حياته. وهو أحد أمراء الشعر العربي الحديث يعد شعره من الطبقة الأولى مع القليل من معاصريه من شعراء مصر وشعره يجمع بين السهولة والمتانة.

ومن آثاره مجموع نفيس دعاه مختارات البارودي في أربعة أجزاء ضمنه أطيب قصائد الشعراء قسمها إلى ستة أبواب واسعة. ودونك مثالا من شعره قال يرثي زوجته المتوفاة وهو في المنفى:

ورد البريد بنير ما أملته
تعس البريد وشاه وجه الحادي
فسقطت مغشيا علي كأنما
نهشت صميم القلب حية وادي
ويلمه رزء إطار نعيه
بالقلب شعلة مارج وقاد

ومنها:

أسليلة القمرين أي فجيعة
حلت لفقدك بين هذا النادي
أعزز علي بان أراك رهينة
في جوف أغبر قاتم الأسواد
أو أن تبيني عن قرارة منزل
كنت الضياء له بكل سواد
لو كان هذا الدهر يقبل فدية
بالنفس عنك لكنت أول فادي
قد كدت اقضي حسرة لو لم اكن
متوقعا لقياك يوم معاد
فعليك من قلبي التحية كلما
ناحت مطوقة على الأعواد

وقال يصف حالته في منفاه إلى سيلان (وهي سرنديب القدماء) :

لم يبق لي أرب في الدهر أطلبه
إلا مصاحب حر صادق الحال
وأين أدرك ما أبغيه من وطر
والصدق في الدهر أعيا كل محتال
لا في سرنديب لي إلف أجاذبه
فصل الحديث ولا خل فيرعى لي
أبيت منفردا في رأس شاهقة
مثل القطامي فوق المربإ العالي