صفحة:تاريخ الآداب العربية في الربع الأول من القرن العشرين (1926) - لويس شيخو.pdf/117

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

اشتغل أيضا بالفلسفة وان لم يكن من فرسان ميدانها وله أبحاث في فلسفة ابن رشد ونقل كتاب رينان في هذا الصدد كما أنه عرب تأليف هذا الملحد المدعو (تاريخ المسيح) الذي هو أحق أن يدعى مسخا منه تاريخا بعد أن بين العلماء الإثبات أغلاطه الفظيعة وأكاذيبه الشنيعة ومناقضاته الواضحة فما كان بانطوان أن يضن بشرفه ودينه عن سفاسفه!. فيعز علينا أن نرى بعض حاملي الأقلام في بلادنا ينشرون بدون تعقل مبادئهم المستقبحة فيلقون قراءهم في وهاد الإلحاد وقعر الفساد وكان بوسعهم أن يهذبوا عقولهم ويرقوا أخلاقهم ويجعلوهم سندا لوطنهم فيبارك اسم الذين أرشدوهم إلى الصلاح ونكبوا بهم عن جادة الضلال.

وفي أيلول ١٩٢٢ بارح الحياة رجل آخر من أدباء العصر (عبد المسيح أنطاكي بك) مولود حلب في ١٦ شباط سنة ١٨٧٤ من أسرة روم أورثذكسية. نشأ فقيرا إلا أنه بنشاطه وذكائه الفطري لم يزل يجاهد أحوال الزمان ويطلب له مقاما بين الأدباء حتى فاز ببغيته وعني أولا بالصحافة في وطنه ثم في مصر الحرة فأنشأ في حلب الشذور وفي مصر مجلة الشهباء ثم العمران مراعيا في كتاباته أحوال الزمان. يناوئ حينا الأتراك وحينا يجاريهم. يناضل اللامركزية ويتحد مع رجالها. وهو لا يزال ينادي بالقومية العربية. ثم ترك الصحافة وعني بنظم الشعر فنال منه بعض الشهرة إذ تقرب به إلى الذوات بمدحه أصحاب الأمر وأرباب الدين. وتجشم الأسفار إلى بلاد العرب فرحل إلى اليمن والحجاز والعراق واجتمع بأمرائهم ساعيا وراء تحقيق آماله من نهضة العرب واسترجاع مجدهم. فقضى بعد حل وترحال وهو يعاين الانقلابات التي حدثت في الجزيرة بسقوط ملك الحجاز وفوز ملك نجد ابن سعود. ولعبد المسيح أنطاكي تآليف مختلفة منها ديوانه عرف الخزام في مآثر السادة الكرام. ومنها كتابه نيل الأماني في الدستور العثماني ومطلع الميامن في تهاني البطريرك كيرلس الثامن جحا لخص فيه تاريخ البطريركية الإنطاكية ولا سيما الرومية الكاثوليكية. وكان عبد المسيح الأنطاكي من أنصار الاتحاد بين طائفته الاورثذكسية وطائفة الروم الكاثوليك وقد طرأ في هذا الكتاب أعمال الآباء اليسوعيين في هذا الشأن (ص ١٨ - ١٩) . وأنشأ في المعنى نفسه مجلة الكنيسة الاورثذكسية ولم يرض من خطة رؤسائها بعد أن سعى مع الوطنيين إلى تحريرهم من العنصر اليوناني. وللانطاكي أيضا رواية بطرس الأكبر وغير ذلك. ودونك