صفحة:تاريخ الآداب العربية في الربع الأول من القرن العشرين (1926) - لويس شيخو.pdf/103

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

سادتي أن في الوجود نفوسا ... ظلمتها الأقدار ظلما شديدا

هي تشقى من غير ذنب جنته ... ولكم مذنب يعيش سعيدا

رحم الله أعينا لم تشاهد ... منذ كانت إلا ليالي سودا

تتمنى لو فتحت فتملت ... من جمال الوجود هذا الشهودا

تتناجى حمائم الروض صبحا ... لا تراها وتسمع التغريدا

ويكون الربيع منا قريبا ... فنظن الربيع منا بعيدا

حين ترنو إلى الورود عيون ... ليت شعري كم تستطيب الورودا

سادتي إننا صبرنا امتثالا ... ما ضجرنا ولا شكونا الجدودا

فانظروا نظرة الكرام إلينا ... وارحموا أدمعا تخد الخدودا

ولولي الدين يكن من التآليف ما ذاع صيته كالصحائف السود وهو عبارة عن مجموع مقالات اجتماعية بليغة الإنشاء طافحة بآرائه الحرة. وكتأليفه في أحوال تركية وسياستها دعاه المعلوم والمجهول. ونقل إلى العربية كتاب نيازي بك في الدستور العثماني المعنون بالتجاريب. وقد حرر كثيرا من المقالات في أكبر جرائد مصر وفي ثاني يوم حزيران من السنة 1922 انطفأ نور حياة شاعر آخر (عبد الحليم حلمي المصري) ولد في دمنهور سنة 1887 ودرس في وطنه ثم دخل في المدرسة الحربية وتوظف في ديوان الأوقاف في مصر. وكان مولعا بنظم الشعر ونشر عدة قصائد دلت على جودة قريحته وحسن ذوقه جمعها في جزأين وطبعهما تحت عنوان (ديوان المصري) سنة 1910 وقد تحرى في شعره المواضيع العصرية وأدت إحدى قصائده إلى محاكمته وسجنه. ثم دخل بعد الانقلاب الدستوري في خدمة الملك. وهذا مثال من شعره قال يتشوق إلى الشام:

يحن لمصر من سكن الشاما ... ونحن نود لو كانت مقاما

منابت لا تجف بها الخزامى ... ولا تشكو أزاهرها الأواما

وأرض تنبت اليوم المعالي ... وكانت تنبت الرسل الكراما

على (لبنان) زهري الهضاب ... على (الأردن) خمري الخباب

على (القدس) المفضل في الكتاب ... على تلك القصور على الغباب

سلام متيم لولا الليالي ... تقيده لما بعث السلاما