صفحة:تاريخ الآداب العربية في الربع الأول من القرن العشرين (1926) - لويس شيخو.pdf/10

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.

الأدبية في كل الدول لم يثبطهم في العمل ما كانوا يجدونه من العناء والمشقات وكثرة النفقات. وكانت في الوقت عينه مجلاتهم الآسيوية لا تدع بحثا مهما في سائر فنون الشرق إلا خاضت فيه. وقد احتفل البعض من أصحابها بعرسهم الفضي والذهبي بل بلغ بعضها السنة المائة لإنشائها كالجمعيتين الآسيويتين الفرنسوية والإنكليزية.

وزادت أيضا في بدء القرن العشرين المكاتب التي تمكن الباحثون من مراجعة مخطوطاتها كمكاتب الآستانة والشهباء وبغداد. واتسعت مكتبتنا الشرقية فخص بها معهد واسع لضيق مكانها السابق فبلغ عدد مطبوعاتها الشرقية ثلثين ألفا فضلا عن ثلاثة آلاف مخطوط من منتخب المصنفات العربية والإسلامية والنصرانية.

ولحقت المكاتب المتاحف التي أخذت في أوائل القرن العشرين تلقت أنظار الشرقيين فودوا لو تستحضر لهم متاحف تجمع فيها الآثار العربية خصوصا والشرقية عموما على مثال المتاحف الأوربية فعرضت في بيروت في باحة السراية القديمة بعض الآثار المكتشفة في المدينة وكان لمتحفي كليتي اليسوعية والأميركانية شأن أعظم. وقد ابتنى الأميركان بناية خاصة بتلك الآثار أحسنوا هندامها وتنظيمها.

وكان الأجانب في مصر قد سبقوا الشام إلى ذلك بمتحفي الإسكندرية والقاهرة استفاد منهما الأثريون بما نشروه في مقالاتهم الرائقة. ومثلهما متحف الآستانة الذي نقل إليه كثير من عاديات سورية وفلسطين منها الناؤوس المعروف بناؤوس الاسكندر قبر فيه أحد ملوك صيدون.

وقد أدى امتزاج الشرق بالغرب في أوائل القرن العشرين إلى التطور في أساليب الإنشاء نثرا ونظما فأخذ البعض ينشئون على منوال الخياليين (les romantiques) بما يدعونه النثر الشعري أو الشعر النثري فيرصفونه كمقطعات شعرية وينسقونه دون ارتباط كبير في المعاني سواء أرادوا أن يتمثلوا بالسور القرآنية أم يقتدوا ببعض المحدثين من كتبة الفرنج.

وقد أكتسب الشعر من طريقتهم أن خرج من دائرته السابقة الضيقة وأخذ أصحابه يتفننون في نظمه صورة ومعنى. فترى الدواوين الجديدة مشحونة بالقصائد في كل الوقائع المستحدثة والحوادث التاريخية والاختراعات الجديدة وتصور كل عواطف الإنسان وكل مظاهرات الكون. وربما تحرروا أيضا فيها عن البحور الشعرية