صفحة:بشير بين السلطان والعزيز، الجزء الثاني (الجامعة اللبنانية، الطبعة الثانية).pdf/87

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
٢٠١
الفصل الرابع عشر: الجلاء

تنقل المدد وغيره بين مصر والشام وكتب إلى سليمان باشا يقترح إيقاف حركتها فأجابه هذا معتذراً أنه ليس لديه تعليمات تنبئه بوقوع الحرب بين حكومته وبين الحكومة البريطانية.

وكان اللورد بونسيبي سفير بريطانية في الآستانة قد استبق هذا كله فأرسل في أواخر حزيران معتمده الخاص المستر ريتشارد ورد إلى لبنان للاتصال بالثوار وإذكاء نارهم فأم بيروت واجتمع بوجوه «عامية الحرج» وأشـار عليهم أن يكتبوا إلى الدولة العثمانية وإلى سفراء الدول ملتمسين إنقاذهم من حكم «الدولة المصرية» ففعلوا وسلموه ما كتبوا فأرسله إلى الآستانة1. ثم قام على ظهر البارجة إدنبرة إلى طرابلس ومنها إلى بشري حيث اتصل بأبي سمرا غانم زعيم الثورة هناك2. وبعد عودة نابير إلى مياه بيروت كتب المستر وود إلى الشهابي الكبير يذكره بالحديث الذي دار بينها عام ١٨٣٦ ويؤكد تفاهم الدول إلى أن يقول «ولم يجب تخشوا من وجـه من كون الأربع دول المشار إليهم يتعهدوا بأن يعطوا جبل لبنان تلك الشرائع والحرية السالفة مع الإنعامات التي كانت تتمتع بها الأهالي تحت أحكام السلاطين»3. فضم الشهابي الكبير رسالة وود إلى رسالة نابيير وأرسلها إلى العزيز قائلاً: بتاريخه - ١٦ آب - وردت لرقيق دولتكم تحريرات من طرف الإنكليز وهي واصلة طي عرضحال العبودية بتشريفها بالنظر العالي كفاي . وأما عبدكم هذا فإني أنا وعبيد أعتابكم أولادي وأحفادي مستعدون كل وقت للموت بخدمة دولتكم من دون تردد ولا انتقاض»4 فاضطر وود والحالة هذه أن يعود إلى شهابي آخر كان قد اتصل به في زيارته الثانية إلى لبنان سنة ١٨٣٦ ووعد بتزعم الانقلاب شرط توفر السلاح لديه هو الأمير بشير قاسم ملحم شهاب - اتصل وود ببشير الثالث هذا وعرض عليه الحكم فقبل ووعده خيراً5. وقام يدعو للثورة من جديد بين الوجوه والأعيان ورجال الدين فاستمال شطراً وافراً من الدروز و«سلخ الموارنة عن فرنسة على حد تعبيره»6.

وقابل العزيز المناشير بمناشير مماثلة فأذاع بأن روسية وإنكلترة اتفقتا على تجزئة الدولة العثمانية بحيث تصبح الآستانة حصة روسية وبر الشام حصة إنكلترة وإن رجال الدولة الذين


  1. أخبار الأعيان للشيخ طنوس الشدياق ص ٥٩٥
  2. تقريره الخاص - إنكلترة والقرم للدكتور هارولد تمبرلي ص ٤٨٢-٤٨٣
  3. الأمير بشير الشهابي إلى محمد علي باشا: المحفوظات ج٤ ص ٤٣١-٤٣٢
  4. المرجع نفسه ص ٤٣١
  5. تقرير وود - إنكلترة والقرم – ص ٤٨٢
  6. تقريره المشار إليه آنفاً ص ٤۸۲