صفحة:بشير بين السلطان والعزيز، الجزء الثاني (الجامعة اللبنانية، الطبعة الثانية).pdf/65

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
١٧٩
الفصل الثاني عشر: الثورة في سورية والحركة العامية في لبنان

أنه ثبت لديه أن الفيكونت المذكور موفد من ذلك الجانب أي من جانب الباب العـالي وأن سفينة رومية من طراز بريك على وشك الوصول إلى ميناء البترون (لبنان) بالذخيرة المطلوبة من قبرص. وأفاد المحافظ أيضاً أن إفرنسياً آخر يدعى سليمان سبق له أن استخدم في المحجر الصحي فطرد منه أن هذا الإفرنسي يتنقل بين الزوق وبين بيروت وأن خليـل المدور ترجمان قنصل فرنسة في بيروت على اتصال بالعصاة يمدهم بمادة الكبسول وأن أربعة آخرین من رعايا فرنسة في الحرج مع الثوار. واشتد حماس الرعايا الإفرنسيين للثوار وشملهم القاصد الرسولي بعطفه فقام راهب إفرنسي يتجول في قرى المتن وكسروان يحرك الأهالي ويحرضهم على الهياج والالتحاق بالثوار ويعدهم بقدوم مراكب فرنساوية مشحونة ذخيرة وسلاحاً لأجل إمدادهم1. وخشي المحافظ أن يكون عبدالله الإفرنسي البارون درمنياق الذي انفصل عن الجيش وأقام في طرابلس أن يكون قد اتصل بالثوار وتعاون معهم. واشتد حماس المسيو بورة قنصل فرنسة في بيروت للثوار النصارى فافتضح أمره واضطر وكيل الخارجية الفرنسية أن يردعه عن تشجيع الثوار ويوصيه بإدلاء النصح إليهم كي يستكنوا ويعودوا إلى منازلهم وقراهم2.

وهكذا فإننـا نرى الشهابي الكبير يكتب إلى العزيز في منتصف حزيران متثبتاً من تدخل الأجانب ناسباً تصلب العصاة إلى تشديد أولئك معلناً أن ما تطلبه العصاة من الأمير ملحم الشهابي وزميليه كان مكراً منهم وخداعاً إذ أنهم لم ينتظروا الجواب بل حالاً توجه منهم فرقة إلى المتن لأجل تحريك سكانه وللتوجه إلى غربي البقاع وحاصبيا وراشيا لإيقاد تار الفساد وتوجهت فرقة أخرى إلى زحلة والمعلقة وبلاد بعلبك للغاية نفسها. ولذا فإنه يرى أن تحميلهم بالتطمين والتأمين لا يجدي نفعاً نظراً لجهلهم وغرورهم ودخول يد الغير بينهم ما يزيدهم شقاوة وفجوراً3. ويقول المؤرخ المعاصر الشيخ طنوس الشدياق أن الأمراء الشهابيين واللمعيين شددوا الثوار سراً وحثوهم على التصلب والثبات وأن الإفرنج كانوا يأتون إليهم ويحرشونهم على الدولة المصرية ويشددونهم ويحققون لهم قدوم المراكب الحربية لإسعافهم. وأنه على أثر هذا توجه الأمير محمود الشهابي إلى جهة صيدا ومعه أحمد داغر


  1. الأمير ملحم الشهابي إلى الأمير أمين الشهابي ومحمود نامي بك إلى سليمان باشا والأمير بشير الشهابي إلى محمد علي باشا: المحفوظات ج ۱ ص ۳۸۱ و۳۸۲-٣٨٤ راجع أيضاً رسالة المعلم بطرس كرامه إلى يوحنا بحري بك في الموضوع نفسه والمجلد نفسه ص ٣٨٥
  2. ديساج إلى كوشله: نيبر ومحمد علي لفرانسوا شارل رو ص ۹۳ و۸۸-۸۹
  3. الأمير بشير الشهابي إلى محمد علي باشا - ١٦ حزيران سنة ١٨٤٠ - المحفوظات ج ۱ ص ۳۸۲