صفحة:بشير بين السلطان والعزيز، الجزء الثاني (الجامعة اللبنانية، الطبعة الثانية).pdf/60

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
١٧٤
بشير بين السلطان والعزيز

وزعها على النصارى اللبنانيين في إبان ثورة الدروز سنة ١٨٣٨ فثار ثائر اللبنانيين وتشاوروا في الأمر فألفوا جمعية للدفاع عن لبنـان انخرط في عضويتها عدد لا يستهان به من الوجوه والأعيان على اختلاف المذاهب والطوائف. وقر قرار الأعضاء بالإجماع على أمور أربعة أولها الامتناع عن تقديم الأسلحة التي وزعت عام ١٨٣٨ حتى يعيد العزيز ما كان قد أخذه من الأسلحة من لبنان عام ١٨٣٠ والثاني عدم الإذعان لأي تجنيد جديد والثالث الامتناع عن تسليم أي شخص يلجأ إلى لبنان ويستغيث بأهله ولو كان قد فر من الجيش والرابع إنشاء صندوق عام للدفاع عن لبنان يتبرع إليه كل لبناني بمبلغ شهري يتراوح بين نصف قرش وثلاثة غروش1.

واتصل هؤلاء الأعيان في أوائل أيار بالشهابي الكبير فذكروه بما جرى بينهم وبينه في أواخر العام ١٨٣١ عندما استدعاهم إليه وأطلعهم على العهد الذي كان يربطه بالعزيز وكيف أنهم قاموا معه إلى عكة وساروا أمام الجيش المصري إلى دمشق وحاربوا الدولة في طرابلس وحمص وحماة ثم كيف ناصروا الحكومة المصرية على الثوار في صفد وطرابلس وجبال النصيرية فأدخلوهم في طاعتها وعادوا إلى أوطانهم راجين أن تقابلهم الحكومة المصرية بالمثل فترفع عنهم «كافة المظالم» ولكنها جاءت بالعقوق فجردتهم من سلاحهم وجندت أولادهم وجارت عليهم في ذلك «فمسكت» الحريم وعلقت الرجال في الأشجار ورتبت مـال الإعانة وجبته من الأحياء والأموات حتى الذين ماتوا في الحرب قدامها ثم قهرتهم وذلتهم فكلفتهم القيام باستخراج الفحم الحجري ونقله إلى الساحل لقاء بدل تافه وأكرهت البنائين على العمل في كولك بوغاز وعكة وحملت الجميع على محاربة «إخوانهم» في حوران - نقول ذكَّر الأعيان الأمير الحاكم بهذا كله وأكدوا خضوعهم له وعدم رغبتهم بتولي الحكم ورجوه أن يستصدر إرادة سنية خديوية برفع المظالم المشروحة وأن يتم ذلك بمعرفة «وكلاء فرنسة وإنكلترة المعظمتين»2.

وعلى الرغم من هذا كله شرع الشهابي الكبير في أواخر أيار من السنة نفسها أي بعد شهر من الزمن في جمع السلاح الذي وزع على النصارى في السنة ١٨٣٨ فهب شبان دير القمر


  1. مسيو بورّه إلى المارشال صولت - ٥ آذار سنة ١٨٤٠ - مجموعة إدوار دريو مصر وأوروبة ج ۲ ص ١٦٨ - ١٧٠
  2. مسيو بوره إلى المارشال صولت – ٥ أيار سنة ١٨٤٠ - مجموعة إدوار دريو مصر وأوروبه ج۲ ص ۲۷۰-۲۷۲ قابل بما ورد في كتابنا الأصول ج ٥ ص ۱۰۸-۱۱۰