واللجاة بقعة بركانية واسعة الأرجاء طولها عشرون ميلاً وعرضها خمسة عشر. وهي كثيرة الصخور محتبكة المنافذ عسيرة المسالك يصعب على الغريب التوغل فيها.
فغضب الحكمدار غضباً شديداً وهب يعاقب الدروز فأنفذ حملة إليهم بقيادة محمد باشا مفتش الجيش بلغ عدد رجالها ستة آلاف. وقام هذا الباشا من دمشق في أوائل السنة ١٨٣٨ فعارضه الدروز في بصرى الحرير ومنعوا عنه المسير فضربهم بالمدافع وخرب بلدتهم فتشتتوا. وجد في أثرهم حتى حدود اللجاة فعسكر في قرية العاهرة حول مياهها. ثم قام منهـا إلى سومیط فضرب الدروز فيها وأجلاهم عنها وذلك في منتصف كانون الثاني. وما أن بدأ بالنهب والسلب حتى عاد الدروز إليهم ففتكوا بهم فتكاً ذريعاً وقتلوا محمد باشا قائد الحملة وأيوب بك الأميرالاي وبكباشيين فانضم إلى الدروز من أنفار الحملة حوالي ثمان مئة نفر من دروز لبنان وشبان نابلس. وكتب إبراهيم باشا إلى والده من حلب يقول أن الأسباب التي أدت إلى فشل هذه الحملة تنحصر في «بلاهة الباشا واندفاع أيوب بك وتمسكه بالكرامة والشرف»1.
وعزز السرعسكر قوة محمد شريف باشا فأمر بقيام ألاي المشاة الغارديا الثاني من حماة إلى حوران وألاي المشاة الرابع عشر من أنطاكية إلى المنطقة الثائرة وقام هو بنفسه على رأس ألاي المشاة الرابع من حلب إلى حمص وكان ذلك في الحادي والعشرين من كانون الثاني سنة ١٨٣٨ وفي التاسع من شباط وصل أحمد منكلي باشا وكيل الجهادية على جناح السرعة من مصر إلى دمشق فآثر الالتحاق بالجيش المحارب على المثول بين يدي السرعسكر في حمص. وفي العاشر من الشهر نفسه قام ألاي المشاة الغارديا الثاني وألاي المشاة الرابع من دمشق إلى حوران وتبعها أحمد منكلي باشا في اليوم التالي2 وبقي السرعسكر في حمص لأسباب صحية. وأوفـد اللواء ولي بك إلى حوران ليدرس الموقف مع كبار الضباط فيها ويشترك في وضع خطة الهجوم3.
ويقول واضع المذكرات التاريخية ولعله عبدالله نوفل أحد الكتبة بمعية محمد شريف باشا أنه لما بلغ الحكمدار ما حل بمحمد باشا وحملته ركب حالاً بنفسه وتوجه إلى حوران يلم فلول الجيش وينتظر المعونة في قرية تبنة بالقرب من اللجاة. فلما تم له ذلك قام مع منكلي باشا بعشرين ألف مقاتل ودخل اللجاة وتوغل فيها مسافة يوم كامل ولم يرَ أحـداً