طوروس وجبل الدروز مع العلم بأن هذه الأعمال تمت أمام جيش مؤلف من ثلاثين ألف مقاتل. وقد استولى أسطول الدول على قلعة عـكة مفتاح بر الشام في خلال ثلاث ساعات. وإذا أصر حضرته على مواصلة القتال فهل يسمح لي أن أسأله ما إذا كان يضمن بقاءه في مصر. إني لمن المعجبين به للغاية وأفضل أن أكون صديقه على أن أكون عدواً له وعليه فإني أقول له قول صديق مخلص: إذا لم يوافق على عقد الصلح مع السلطان سيفقد أمله في الاحتفاظ بمصر. فعساكره الموجودون في بر الشام متذمرون والشوام مسلحون يناهضونهم فإذا ضم جانب من القوة العسكرية إلى القدر الموجود من عساكر الترك ولهجم بهذه القوة على إبراهيم باشا سيضطر دولته إلى القاء السلاح. وجميع جنود الأسطول العثماني متذمرون أيضاً وقد فر قائدهم منذ أيام مع بعض ضباطه والتجأ إلى أسطولنا وما زال فيه. والجنود الشاميون الموجودون في مصر متشوقون للعودة إلى بلادهم. وقد أوقف صرف مرتبات العساكر مدة مديدة. ولا يزال في الآستانة من الأسرى المصريين عدد يتراوح بين اثني عشر ألف وخمسة عشر ألف جندي وقد صرفت مرتباتهم وألبسوا الملابس وجرى تنظيمهم وترتيبهم. فليتفضل حضرة الخديوي وليلاحظ ما يحدق به من خطر. فإذا سيقت هـذه العساكر إلى القطر المصري لظهر عندئذٍ أن مصر لا تعد بلدة لا يمكن فتحها وأن الإسكندرية تشارك عندئذ عكة في مصائبها ومصيرها1. وحاول العزيز ألا يربط نفسه بالتمام فكتب الكومودور ثانية واضعاً النقط على الحروف فقبل العزيز بتنفيذ مطالب الإنكليز شرط تسلمه قرار الدول الفخيمة إذ يكون هو قد أكمل إعداد الأسطول العثماني للرحيل كما قبــل بتسفير الوجوه اللبنانيين حالما يصلون من سنار. ووافق أيضاً على إيقاف القتال فوراً وعلى إرسال ضابط من قبله بمعية ضابط إنكليزي يحملان الأمر بإيقاف القتال إلى إبراهيم باشا2. وتم هذا كله في الثاني والعشرين والثالث والعشرين من شهر تشرين الثاني سنة ١٨٤٠.
الجلاء والعودة: وكان السرعسكر المصري قد جعل من زحلة قاعدة حربية منذ انهزامه في بحرصاف يجمع عساكره إليها وينتظر تطور الموقف وأوامر والـده. وحوالي منتصف تشرين الثاني تسلم من والده أمراً سرياً يقضي يجمع الرجال والعودة بهم إلى مصر فنهض بالعساكر وسار إلى دمشق. وبلغ الأمير اللبناني قيامه فنهض بعسكره من حمانا.