صفحة:بشير بين السلطان والعزيز، الجزء الثاني (الجامعة اللبنانية، الطبعة الثانية).pdf/103

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
٢١٧
الفصل الرابع عشر: الجلاء

على إبقاء مصر بيد العزيز حكماً وراثياً. وكتب نسلرود إلى تيتوف ممثل حكومته في الآستانة بمثل ما تقدم. فعقد ممثلو الدول المتحالفة اجتماعاً في لندن أسفر في الرابع عشر من تشرين الثاني عن مذكرة دولية جديدة أشاروا بها على الباب العالي بإعادة محمد علي إلى منصبه في مصر وكتب بالمرستون في التاريخ نفسه إلى الأميرال السر روبرت ستوبفورد يأمره بإرسال ضابط قدير إلى الإسكندرية بطلب إعادة الأسطول المباني في ظرف ثلاثة أيام وإصدار الأوامر بالجلاء عن كريت وأدنة وبر الشام وبلاد العرب نقول يطلب هذا فيعدانه إذا فعل العزيز توسطت الدول وأشارت على الباب العالي بوجوب إعادته إلى منصبه في مصر1.

أمام الإسكندرية: وأوفد الأميرال السر روبرت ستوبفورد زميله القدير الكومودور السر تشارلس نابيير على رأس عمارة بحرية إلى الإسكندرية لتنفيذ أوامر حكومته. ولدى وصوله إليها حرر كتاباً إلى بوغوص بك ناظر الخارجية المصرية يفيده به أنه أوفد بصفة خصوصية الكابتان مونسيل أحد معارف الحضرة الخديوية يلتمس إطلاق سراح أمراء جبل الدروز (لبنان) وشيوخه الذين ألقي القبض عليهم في شهر تموز أو لمبادلتهم بغيرهم من الأسرى. ويفيد أيضاً أن أكثر هؤلاء حبسوا بتحريض من الأمير بشير أمير جبل الدروز لمجرد الاشتباه بطاعتهم. ثم يضيف أن حكومة الأمير المشار إليه كانت خالية العدل والإنصاف وأنه ليست هنالك أية فائدة تجنى من بقاء هؤلاء في الأسر إذ أن جبل الدروز أصبح حراً سالماً وبالتالي فإنه لن يدخل في حكم محمد علي مهما حدث في غيره من جهات بر الشام. وبعد أن فرش هذا الفرش انتقل إلى صلب المهمة الموكولة إليه فقال أنه مما لا شك فيه أن خديوي مصر يعلم أن الدول المتحدة موافقة على إبقاء حكومة مصر في عهدته بطريق الموارثة وأنها مستعدة لتأمين ذلك. فهل يسمح سموه لهذا القائد البحري المسنّ أن يشير عليه بطريق سهل يؤدي إلى الصلح مع السلطان ومع سائر دول ـوروبة العظمى. إذا أعاد خديوي مصر الأسطول العثماني عن طيبة خاطر وبدون شرط أو قيد واستدعى جنوده من بر الشام تزول عندئذِ مصائب الحرب والقتال ويقضي الخديوي بقية عمره راضياً مطمئناً ساعياً لتحقيق الوسائل التي تضمن الأمن والدعة لسكان بلاده ويستطيع بذلك أن يضع أساساً لعرش بطالمة جديد. إن قوة عسكرية قوامها ستة آلاف تركي وثلاثة آلاف بحـار قد استولت على صيدا وبيروت في شهر واحد وهزمت الجيش المصري في معارك ثلاث وقبضت على عشرة آلاف أسير الأمر الذي أدى إلى إخلاء جميع الموانئ الساحلية ومعابر


  1. الكتاب الأزرق ج ٣ ص ۱٤-۱٥ و۱۷ و۲۱-۲۲