صفحة:بسائط علم الفلك وصور السماء (1923) - يعقوب صروف.pdf/64

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

القمر كل يوم وهذا الارتفاع وهذا الانخفاض يأتيان متدرجين فها مستقلان عن امواج البحر . فاذا كانا طفيفين يبلغان اقداماً قليلة كما في سواحل بحر الروم فقـد يقل التفات الانسان اليها ولكنهما اذا كانا عظيمين يبلغان اقداماً كثيرة فلا بد من الانتباه لها ولا سيما في المرافيء التي تكثر فيها السفن والزوارق . ويطلق على ارتفاع الماء اسم المد وعلى انخفاضه اسم الجزر . ومما يوجب الانتباه ايضاً انه اذا حدث المد اليوم في اول يونيو وبلغ اعلاه عند الظهر عاماً لا يبلغ اعلاه عند الظهر غداً بل بعد الظهر بساعة. وبعد اسبوع اي في 7 يونيو يصير ميعاد الجزر عند الظهر وميعاد المد عند الغروب . وبعد اسبوعين أي في 14 يونيو يعود ميعاد المد الظهر وهلم جرا على مدار السنة اي ان المد والجزر يجريان في ادوار كل دور منها 14 يوماً أو ٢٨ يوماً مما يدل على ان القمر علاقة بهما . ويظهر عند التدقيق ان بلوغ المد اعلاه في مكان ما متعلق ببلوغ القمر هاجرة ذلك المكان اي وصوله إلى منتصف السماء فكلما بلغ القمر هاجرة مكان فالمد يبلغ اعلاه في ذلك المكان بعد ذلك بوقت محدود كأنه تابع للقمر ولكنه مقصر عنه في سيره معه وما يزيد ذلك ثبوتاً ان ارتفاع المد وانخفاض الجزر يختلفان من اسبوع الى اسبوع فاذا بلغ المد معظم ارتفاعه اليوم والجزر معظم انخفاضه فبعد أسبوع يكون المد قليل الارتفاع والجزر قليل الانخفاض وبعد اسبوع آخر يبلغ المد معظم ارتفاعه والجزر معظم انخفاضه اي ان المد والجزر تابعان للقمر في زيادته ونقصانه واول من قيل انه انتبه الى علاقة القمر بالمد والجزر الصينيون قبل المسيح بنحو الف سنة ثم فيثياس اليوناني الذي كان معاصراً للاسكندر المكدوني في القرن الرابع قبل الميلاد فانة راقب المد والجزر وعرف علاقتها التامة بالقمر واختلافها باختلاف اوجهه ولكن اول من بين كيفية تأثير القمر في المد والجزر هو لابلاس الفلكي الفرنسوي وتابعه اسحق نيوتن وسائر علماء الفلك مع شيء من التعديل . وخلاصة ذلك ان الارض والقمر يتجاذبان كما تتجاذب كل الاجسام جرياً على ناموس الجاذبية العام. والارض الحجامدة لا تستطيع دقائقها ان تتحرك بهذا الجذب ولكن ماء البحر يطيع الجاذبية حسب قوتها ويتجمع في البحر من هنا ومن هنا تجاه القمر ومن حيث ان القمر يدور حول الارض حسب الظاهر دورة كاملة كل نحو ٢٥ ساعة