صفحة:المدينة المسحورة (1946) - سيد قطب.pdf/26

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.

٢٤

المذخور ، فوقف إزاءها ساها مدهوشاً مأخوذاً . وأحست الفتاة أن نظرات الفارس الجميل تقع على كل موضع فيها ، وتنفذ في ثناياها ، فأرخت أجفانها من الحياء ، وتفترت مفاصلها ، ودب فيها خدر لذيذ .

لم تكن الفتاة تعلم أن الفارس الجميل الذي يلقى عليها هذا الوابل من النظرات النفاذة هو ملك الإقليم . فقد كان من عادته أن يتزيا – حين يقصد إلى الصيد – بزى فارس من الحرس حتى يكون طليقاً في رياضته ، وحتى يتخفف من شارات الملك وتقاليد البلاط . لقد كان بطبعه ينفر من هذه القيود التي تثقل كاهله ، وتحد من نشاطه وهو في فورة الشباب الوثاب ، فما إن

تعرض له فرصة من هذه الفرص حتى يلقى عن نفسه هذه المراسم والطقوس، فيحس أنه خلص من ربقتها، وصار إنسانا له كل حقوق الإنسان ، وكان يحرم على مرافقيه من رجال الحاشية ما دام في هذه الرياضة المحبوبة أن يخاطبوه بمراسم الملك لأن هذا كان يرده إلى أنقال المراسم، ويذكره بضيق القيود التي خرج يتخفف منها و يفرج على نفسه من ضيقها !

فلما وقف أمام الفتاة مبهوتاً مأخوذاً ، وطال هذا الموقف حتى