صفحة:المدينة المسحورة (1946) - سيد قطب.pdf/25

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
٢٣

والغزلان تقفز وتمرح، وقد اكتست أجسامها بالشعر الجديد

الزاهي، وبان في وثباتها المرح الداخلي النشيط.

وكان الملك الشاب يحس في نفسه شوقاً غامضاً مجهولا ، وحنيناً تائهاً عجيباً، تنطق به كل ذرة في دمائه، وكل خالجة في شعوره. كان يتململ في جلسته على ظهر حصانه، فيغادره ويقفز ليسير على أقدامه، يمسك بأطراف الأشجار المتدلية، ويغرس طرف رمحه في جذوع الأشجار، ويقطف بعض الأزهار ليتأملها برهة ثم يقذف بها على مد الذراع؛ ثم يعود إلى صهوة جواده، وقد شعر بشيء من الراحة لتصريف هذا المذخور في بنيته من القوة والمراح.

وللقدر المقدور وقع نظره وهو في هذه الحالة على فتاة ترعى بضع شياه.

لقد بهت كأنما سمر في مكانه. كانت فتاة ممشوقة القوام ناضرة الوجه، في عينها كل معاني الربيع. كل شيء فيها متفتح كالوردة الناضجة صدرها الناهد، ونظراتها الجاهرة، وبشرتها المملوحة، ومشيتها المتوثبة، ولفتاتها السريعة.. أحس الشاب أن هذه الفتاة هي إحدى ظبيات الغابة أيقظها تفتح الربيع، وأنضجتها حرارته وانفلتت من كيانها تبعثر ما تجمع في كيانها من رصيد الحياة