صفحة:القرن العشرون ما كان وما سيكون (1951) - العقاد.pdf/88

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

من قال ان النظام هنا موجود كالنظام في حركات الأفلاك ولكننى ماضيه وحاضره ما يدل على مصيره فهو أجهله ولا أعرف من صاحب القول الذي يعني قائله الدليل أما الذي يقرر الاختلاف جزما وتوكيدا بين حركات الأفلاك وحركات الأمم ولا يرى في ذلك غرابة ولا يسأل له عن سبب فهو الذي يقرر حكما معتسفا بغير دليل ، ولابد له من دليل . لم يختلف نظام الكواكب ونظام الأمم : ولم يعتبر هذا الاختلاف أمرا طبيعيا يدعيه من شاء ولا يلزمه البرهان على ما يقول ان انكار النظام هنا ليس بأيسر الجوابين ، بل هو عند البحث في أسبابه ونتائجه أصعب الجوابين وأغربهما وأحوجهما الى البحث من جديد ، الى أن يستقر البحث على قرار . ما من قال بالخطة المتبعة والتدبير المقدر فليس من اللازم أن يبسط أمامنا الخطة المتبعة بتفاصيلها ويضع أيدينا على أوائلها وخواتيمها ، وكل ما يلزمه « أولا » أن يدحض حجة الفوضى والارتجال الأعمى ، وأن يقرر الفرض المعقول ثم يقرر أن الواقع يؤيده ويجرى في مجراه ، وأدل من ذلك على صحة الفرض المعقول أن الغرض المقصود من الخطة المتبعة يتحقق بما يظهر أنه يناقضها كما يتحقق بما يظهر أنه يجاريها ويمضى في طريقها . وسنرى أن هذه الدعوى يسيرة الاثبات ، أو أنها على الأقل أيسر اثباتا من دعوى الفوضى والعمل الجزاف أما نفى الخطة المتبعة وادعاء المصادقة المحضة فليس من اليسر بالمكان الذي يحسبه من يقولون بالمصادقة على أي وجه من الوجوه ، وانهم ليقولون بالمصادفة على وجوه كثيرة ، دليل بعضها غير الدليل الذي يقوم به ادعاء الآخرين . AL ·