صفحة:القرن العشرون ما كان وما سيكون (1951) - العقاد.pdf/65

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

بينهم والبواعث العاطفية التي تتولد منها ، ومنها بواعث الشعور بقضايا الاجتماع التي تتميز بها حضارتنا ... وأبرز التغييرات وأحراها بالالتفات اليه أن عدد العاملين غير الفنيين ينقص على العموم ، ولا يقف النقص فيه عند قلة النسبة الى مجموعة السكان ، ومغزى ذلك استئصال المشاق التي تضعف القدرة عليها بعد تجاوز الأربعين وتقل أجورها ويكثر فيها التعرض للبطالة . « ... ولما كان الناس يعملون من عشر ساعات الى اثنتي عشرة ساعة كل يوم كان لا بد لهم من وقت للراحة وتجديد النشاط للعمل کی لاتكون أعمارهم سلسلة متلاحقة الكد والمشقة ، أما وأسبوع العمل الذي يكتفى فيه بأربع وأربعين ساعة يوشك أن وأن ينقص الى أقل من ذلك قريبا - فالوقت متسع أمام كثير من الناس لقضاء الفراغ في الشواغل الجدية لا لمجرد الراحة والاستجمام ... وكلما اقترب أسبوع الساعات الأربع والعشرين من التحقق فكر ذوو الفطنة في طريقة يشغلون بها ستة أسباع أوقاتهم ... وليس الكسب الذي ينتظرونه من ذلك مالا يشترون به مزيدا من بضائع السوق ، بل أحرى أن يكون وسيلة لاشباع ما يروقهم مما يفضلونه على المشتريات بعد استيفاء الضروريات ، الرياضة الصحية ، واللهو السائغ ، والمرح الحياش بالشعور ، والمتعة باتقان بعض الهوايات ، وتذوق الفنون ، ولذة المعرفة ، والقيام بالخدمات النافعة في الحياة السياسية والاجتماعية ، وان المجتمع الذي يتاح لكل فرد فيه على وجه التقريب أن يختار ما يشاء أن يشغل به معظم أوقاته ولا يساق اضطرارا الى العمل الذي يجده كائنا ما كان لهو مجتمع خليق أن يوصف بالمجتمع الحر على مثال أفضل وأوفى من كل مجتمع عرفناه فيما سلف . وهذه حرية تقترن كسائر الحريات بتبعة الاختيار الحسن كما يجوز أن يساء استعمالها . ومتى شعر الناس بالحاجة الى ومن - ۶۱