صفحة:القرن العشرون ما كان وما سيكون (1951) - العقاد.pdf/235

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

واذا انتقلنا من لزمام فكره وعاطفته ، بنجوة من طغيان الجماعة عليه . هذه النتيجة المرتقبة الى الأمل المشروع فمن الأمل المشروع ، أو من التفاؤل الحسن ، أن نؤمن بمصير الانسانية الى ايمان بالحق يعززه العلم ويلتقى فيه عالم المادة بعالم الغيب فلا يتنازعان ولا ينشطر بينهما الضمير الانسانی شطرين يورثانه مرض النفس ويبتليانه في قرارة وجدانه بفصام دخيل ، يخيل اليه أنه الايمان ، وهو نقيض الايمـان . وتترخص في الأمل ، دون أن نجاوز به آفاق الأمل المشروع ، فنقول: اننا خلقاء ألا نيأس من الأزمات التالية بعدما شهدناه من عواقب الأزمات الماضية : وقد سمحت لنا حربان عالميتان أن تقول مرة : « ان الصراع الأكبر الذي نشهده اليوم سينتهي أيضا الى عاقبة فيها بعض الاطمئنان أو كل الاطمئنان ، لأنها تناقض القوة العمياء : قوة الحديد والنار ، وتشايع القوة البصيرة ، قوة العدل والحرية » . وسمحت لنا أن نقول قبل ذلك : « أينما وجدت نفس تحسن أن تدرك فثم حقائق تدركها ، ولن تظمأ حاجة من حاجات النفس ومواردها - تلك الحقائق – باقية ، اللهم الا تلك الحاجـة المحكوم عليها بالظمأ الأبدي ، والتي تموت ان رويت : وهي الحاجة الى الكمال ؛ وبها تتم الحاجات جميعا ومن قبلها يجذبنا زمام الغيب القدير ، وهذه ينابيع الانسان التي يعول عليها : كلما أضاع أملا أخرجت له أملا جديدا ، وكأنها خزانة الجدة العجوز تتربص بالأبنـاء المسرفين حتى يقنطوا ويضيقوا ذرعا فتفرج أزماتهم وتسرى عنهم وتزودهم بالنصائح الموفقة لهم ، وهذه الجدة العجوز لا تبض لك بأمل وعندك أمل خلافه ولا تفتح لك بابها وأمامك باب سواد ، وتقنعك كل مرة بأنك تحرز الأمل الأخير ، من ۳۳۱