صفحة:القرن العشرون ما كان وما سيكون (1951) - العقاد.pdf/223

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

البادية على الوجوه وعلى صفحات الأشياء ومن الواجب أن تفهم معنى الأمانة العلمية حين نطبقها على بدائع الفنون . فهي لا توصف بوصف الأمانة الا اذا حسبت حسابا للفارق بين عمل الآلة وعمل الانسان . ويهون سوء التطبيق في الدعوة الى المدرسة الطبيعية اذا قيس الى التطبيقات السيئة التي ابتليت بها دراسات علم النفس بين الحـربين العالميتين ، فتسربت الى الفنون والآداب كلمـات الوعى الباطن ومركبات النقص والعقد النفسية وما شابهها من مصطلحات فقدت معناها لكثرة استعمالها في غير مواضعها ، وخلقت من أقانين الأوهام ما لم تخلقه خرافة من الخرافات التي ماتت قبل أن تبلغ القرن العشرين . وقد نسى دعاة البدع التي نبتت من كلمة الوعي الباطن أن هذا الوعي الباطن لم يخترعه فرويد ولم يزعم أن الفنانين من قبله جهلـوه وأهملوه ، بل قرر غير مرة أنه يعتمد في تفسيره على أعمال أولئك الفنانين ا وأقوالهم من كتاب وشعراء ومصورين ، وما من أحد ذي بصر ينظر الى صورة من صور الأقدمين ومن تلاهم في عصر النهضة وتلاميذهم المبرزين من أبناء العصور الحديثة الا أدرك لأول وهلة أنهم أحسوا الوعي الباطن من وراء الظواهر وعرضوه لنا على قسمات الوجه وحراً بكات الأعضاء ، ودلوا على قدرتهم بهذا العرض الذي يرينا الخفايا كما يرينا الظواهر لمسات الريشة وخفقة من خفقات النور واللون ، وتركوه لنا نفره كما يفسر كل سر من أسرار النفس البشرية قد ينطوى عن صاحبه كما ينطوي عن الناظرين اليه ، ولذلك كان وعيا باطنا ينقله الفنان القدير على غموضه أو جلائه نقـل الأمانة الملهمة والادراك الخفى والحس المشترك بين الوضوح والغموض .. ۲۱۹