صفحة:القرن العشرون ما كان وما سيكون (1951) - العقاد.pdf/213

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

فكلها ثورات حصلت لأنها أمكنت ، وكلها ثورات أمكنت لأنها ثورات أناس من أصحاب الشكايات الاجتماعية أو المنتفعين بالقلاقل والفوضى حيث كانت ، تجمعوا في صعيد واحد واستضعفوا السلطان لما منى به من الهزيمة والعجز فاستخفوا بأمر الخروج عليه ، ولا يلزم من ثوراتهم هذه أن يكونوا من الفلاحين أو الصناع أو العاطلين ، ولا أن تنقدم ثوراتهم ها أو تتأخر حسب الأطوار التي يرتبها المفسرون الماديون للتاريخ » (1) .

وقد تكررت في أوائل عصر الصناعة الكبرى ظواهر اجتماعية من قبيل ما سلف فتكررت فيها الثورات التي تفرقت في أنحاء الزمن ولم يختص بها عهد من العهود ، ولوحظ في كل ظاهرة منها تكررت حديثا أنها تأتي في أول أطوار الصناعة الكبرى كأنها مفاجأة غير مألوفة تعترى المجتمعات التي لم تتهيأ لتوسيع مجال الصناعة والتوفيق بينها وبين مرافقها ومصادر ثروتها ، فهي عرض من أعراض المفاجأة وليست نتيجة خاصة مدخرة الصناعة الكبرى في آخر أطوارها ، الطوارىء المعلقة وراء حجاب الزمن الى أن يحين حينها وتدور بها أدوارها . أما الثابت من مراقبة الحوادث بعد تمكن الصناعة الكبرى التي استوفت أطوارها فهو الاستقرار الذي تقل فيه المفاجـآت ويقل فيه انتظارها وتوقعها ، لأن زيادة الثروة من اتساع مجال الصناعة الكبرى تصاحبه كثرة المالكين وكثرة أنواع الأعمال وكثرة الروابط التي تقضى بالتضامن بين أعضاء المجتمع الواحد في المنافع والأضرار . وسوف يتسع مجال الصناعة الكبرى فوق اتساعه في هذه السنوات الوسطى من القرن العشرين ، وقد يقصر المدى قبل نهايته دون استقامة (۱) من كتاب الشيوعية والانسانية للمؤلف من فصل « اتباع المذهب » م - 14 القرن العشرون ۲۰۹