صفحة:القرن العشرون ما كان وما سيكون (1951) - العقاد.pdf/212

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

مصفوفة ، فنهبوا الأهواز واتخذوا ( واسط ) معسكرا يشنون منـه حروب التخريب والتقتيل ، وانقضت على البلاد تسع عشرة سنة من الشقاء والفزع ، ثم فرغ لهم الموفق بعد الخلاص من الأعداء الخارجيين ، فوحد الجيوش تحت قيادته وقيادة ابنه المعتضد ، ودارت الدائرة من ذلك الحين على جموع الأرقاء ، فطردوا أولا من خوزستان ودفعوا الى الجانب السفلي من النهر حيث استعصموا بالمواقع الحصينة واحتموا بالأقنية والجداول المحيطة بها ، ولا تزال أخبار المعارك التي تلت ذلك نحو خمس سنوات محفوظة تروى بتفصيلاتها المسهبة المملة ، وأجلى العدو من مواقع كثيرة ولكنه ليث بعد جلائه عن تلك المواقع ثلاث سنوات مستعصما ببعض الحصون لانقطاع الحصار فترات متوالية من جراء اصابة الموفق بجراح أقعدته عن العمل السريع ، وأخذ الثوار يتسللون زرافات زرافات الى الموفق فيتقبل منهم التوبة برفق وسماحة ، ، وبلغ من رفقه وسماحته أنه أعلن العفو عن المسيء الأكبر فأعرض عنه هذا بصلف وقحة . ثم سقطت القلعة وعاد كثير من النساء السبايا الى ديارهن ووقع الخبيث في الأسر وهو يمعن في الهرب فقتل وحمل رأسه حيث رفع على مشهد من الجموع المتكوفة فخروا سجودا يشكرون الله على النجاة من شره .. » . و تلخيص موير الزنج يصدر عن نظرة تاريخية على الحيدة بين الداعية والدولة التي يثور عليها ، فلا يمتزج بالغضب الديني الذي يشعر به المؤرخ المسلم وهو يتكلم عن فتنة من فتن المروق والاباحة والافتراء على الحضرة النبوية ، وهي – في رواية موير – على نسق تام مع الثورات التي قبيلها وان تفاوتت أبعد التفاوت في الأزمنة والأمكنة وأجناس الثوار ومطالبهم وعقائدهم التي يأخذون بها أو ينتقضون عليها. ۲۰۸