صفحة:العقد الفريد ج.1-2 (1953).pdf/9

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
(ج)
التعريف بالكتاب ومؤلفه


العرب قريبًا من ذلك التاريخ و اختصت بالبحث في علوم الدين » ثم تميزت باستقلالها - لا يعدم الباحث أن يجد فروعا من مسائلها قد عرض لها صاحب العقد في أبواب متفرقة من كتابه ، لعله لايجد لكثير منها نظائر في كثير من الكتب الخالصة للبحث في هذه العلوم ،

وثمة فضل آخر يميز صاحب العقد على سابقيه من عرضوا لهذا الباب ، هو أن ابن عبد ربه أندلسي من أهل الجزيرة يتحدث عن أدب المشارقة فلا تقصر به مغر بيته اللحاق والسبق ؛ ولعل هذا كان بعض دواعي ابن عبد ربه إلى تأليف كتابه ، إذ كان في طبعه من المنافسة وحب القلب ما يحفزه إلى هذا المضمار ، كما سنذكره بعد .

وليس بي من حاجة إلى الحديث عن نهج صاحب العقد في تأليف كتابه ، فقد تكفل بتبيان ذلك في مقدمة الكتاب ، ولكن الذي يعني أن أذكره هنا ، هو أن ذلك النهج الذي سلكه مسبوقة إليه و سلكه كذلك من بعده : كان يستند إلى قاعدة مقررة في « علم الأدب ، كما عرفه القدماء ، انظر إلى ابن خلدون يقول في مقدمة تاريخه : « هذا العالم - یعنی علم الأدب - لاموضوع له ينظر في إثبات عوارضه أو نفيها ، وإنما المقصود منه عند أهل اللسان ثمرته ، وهي الإجادة في في المنظوم والمنشور على أساليب العرب و مناحيم ؛ فيجمعون لذلك من كلام العرب ما عساه تحصل به الملكة ، من شعر عالى الطبقة ، وجع متساو في الإجادة ، و مسائل من اللغة والنحو مبثوثة أثناء ذلك متفرقة ، يستقرى منها الناظرة في الغالب معلم قوانين العربية ، مع ذكر بعض من أيام العرب ، ليفهم به ما يقع في أشعارهم منها ، وكذلك ذكر الهم من الأنساب الشهيرة والأخبار العامة ، والمقصود بذلك كله أن لايخفى على الناظر فيه شيء من كلام العرب وأساليبهم ومناحي بلاغهم إذا تصفحه . . . . . ثم إنهم إذا أرادوا هذا الفن قالوا : الأدب هو حفظ أشعار العرب وأخبارها ، والأخذ من كل علم بطرف،

هذا الحد الذي ذكره ابن خلدون في تعريف علم الأدب - توفي سنة ۸۰۸ هـ -. ، كان معروفا لكل المشتغلين بالأدب قبل عهد ابن خلدون ، وعليه كان نهج المؤلفين قبل ابن عبد ربه و بعده : يجمعون، من أشعار العرب وأخبارها ، ويأخذون من كل علم بطرف؛