صفحة:الروم في سياستهم وحضارتهم ودينهم وثقافتهم وصلاتهم بالعرب (1951) ج.1.pdf/89

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.

كالسيل الجارف في سهول روسية الجنوبية. فاحتلوا مراعي قبائل الآلاني ثم أراضي القوط الشرقيين حتى نهر الدنيستر. ولم يبق حائلًا بينهم وبين مصب الدانوب سوى القوط الغربيين. وكان قسمٌ كبيرٌ منهم قد قبل النصرانية على يد أولفيلاس القبدوقي (٣١٠–٣٨١) الذي نقل الإنجيل إلى لُغتهم فهَبَّ أثناريكوس1 ملِك هؤلاء القوط الغربيين يستعد للدفاع فأنشأ خطًّا يصمد وراءَه من منبع البروت حتى مصب الدانوب. وعبر الهون الدنيستر وجازوه عند مصبه ففرَّ جماعةٌ من القوط الغربيين وخذلوا قومهم واتجهوا غربًا وجاءوا يفاوضون والنس في الانتقال إلى داخل الحُدُود الرومانية والإقامة في تراقية. وكان على رأس هؤلاء فريتيغرن وألافيف2. وأما أثناريكوس فمضى بجماعته واحتل جبال البنات في المجر. وقد رأى والنس الإمبراطور في مَنْ انحاز إليه من القُوط عُنصرًا طيبًا وأداةً فعَّالة لتقوية الجيش ولا سيما فرقة الخيالة؛ فقبل مطلبهم أن يدخلوا الحدود فعبروا الدانوب خمسين ألفا. وما إن فعلوا وألقوا سلاحهم حتى شعروا بالفاقة وقلة المأكل. فاستعادوا سلاحهم بالرشوة وجالوا في البلقان ينالون قُوتَهُم بالقوة. ووقعت اصطداماتٌ عنيفةٌ هنا وهنالك. فأضمر الرومان السوء ودعوا الزعيمين القوطيين في مطلع السنة ٣٧٧ إلى مأدبة فاخرة في ماركيانوبوليس وحاولوا اغتيالهما. فنجا فريتيغرن بخدعة محكمة واندلعت نيرانُ الحرب بين الفريقين في كل مكان. ولم يقوَ الجيش الروماني المرابط في البلقان على ضبط الموقف فاستقدم والنس نجداتٍ من الشرق القريب وأمده غراتيانوس ابن أخيه ببعض الكتائب ثم قام هو بنفسه على رأس الجيش

الغربي لإعانة عمه. ولكن والنس تَسَرَّعَ فنازل فريتيغرن قبل وُصُول

  1. Athanaricus.
  2. Fritigern, Alaviv.
٨٨