غراتيانوس، وذلك في الثامن من آب سنة ٣٧٨ وعلى مقربة من أدريانوبوليس. فاكتسحت الموقف خيالة القوط. وخَرَّ والنس في ساحة القتال صريعًا. وقيل إنه أُحرق حرقًا. وغشي القوط الريف كله ولكنهم لم يتمكنوا مِنْ إخضاع المُدُن المحصنة لنقصٍ في العتاد.
ثيودوسيوس الكبير: وعظُم الأمر على غراتيانوس وهاله، فاستدعى إليه ثيودوسيوس أَشْهَرَ القادة وأَمْهَرَهم في الحرب، وفاوضه في أمر القوط وطلب إليه أَنْ يتناسى ما كان قد لحق به وبوالده قبله من شرٍّ وضيم، ورفعه إلى منصة الحكم ونادى به إمبراطورًا على الشرق، وكان ثيودوسيوس حسن القد، رشيقًا، أشقر الشعر، أزرق العينين، أشرف الأنف، يشبه تريانوس ويدَّعي الانتساب إليه، وكان أيضًا عالي النفس رفيع الأهواء، يُكثر من مطالعة التاريخ الروماني، ويحس الواجب القومي أيما إحساس1. فتقبل التاج في سرميوم في التاسع عشر من كانون الثاني سنة ٣٧٩، وهبَّ للقتال فأوقع بالقوط فيما يظهر ضرباتٍ أوليةً متتالية، ثم رأى أَنْ لا بد من الاستيلاء على ثيسالونيكية لتأمين الزاد والعتاد الورادَين من مصر والشرق، فاشتق طريقه إليها ووصلها في أوائل حزيران واستقرَّ بها. وكان في أثناء هذا كله يَتَشَاطَرُ جنودَه المشقة كأنه واحدٌ منهم، ويعنى بتنشيطهم وتشجيعهم، ويؤمِّن راحتهم، فأحبوه واندفعوا في سبيله وازدادوا قوةً ومناعةً. ورأى الإمبراطور أيضًا أن يقوم بحملة عسكرية يصل بها إلى الدانوب، فيهوِّل على أعدائه ويفاوضهم في الوقت نفسه، إذا وافقت الظروف، فوصل إلى أسكوب في السادس مِنْ تموز، وإلى فيقوس أوغوسطة في الثاني من آب، ولكنه عاد إلى
ثيسالونيكية لتمضية فصل الشتاء، وفي شباط السنة ٣٨٠، انتابه مرضٌ
- ↑ Piganiol, A., Emp. Chrétien, 210.