انتقل إلى المحتوى

صفحة:الروم في سياستهم وحضارتهم ودينهم وثقافتهم وصلاتهم بالعرب (1951) ج.1.pdf/61

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تم التّحقّق من هذه الصفحة.

أيضاً، ورأت زوجته فاوسطة أن تستغل محافظة زوجها على الآداب والأخلاق فاتهمت كريسبوس ابنه من ضرَّتها — وكان قد بلغ العشرين من العمر ولمع في ميادين القتال، بمحاولة الاعتداء على عفتها. فأماته والده مسموماً، ثم اتهمت هي بدورها بالخيانة وكانت لا تزال وثنية تشابه في صورتها الجانبية والدها مكسيميانوس، وكان قسطنطين يكرهه، فأمر قسطنطين بإماتتها هي أيضاً خنقاً بحمام ساخن.

وكانت والدته القديسة هيلانة قد استقرت في رومة وتمتعت بلقب أوغوسطة وأثرت ثراءً كبيرًا، فعزمتْ في السنة ٣٢٦ على القيام برحلة إلى فلسطين؛ للتبرك بزيارة الأماكن المقدسة، وغادرت رومة في أواخر الصيف، واتجهت شطر فلسطين بحراً. وكان قسطنطين قد فاوض مكاريوس أسقف أوروشليم في إقامة كنيسة لائقة بالسيد في جلجثة في أوروشليم تكون أفضل الكنائس، فاستحثت القديسة الأسقف على إتمام هذا العمل، فتم البناء في السنة ٣٣٥، وكان قد سبق للنصارى أن أقاموا في القرن الثالث بناء مثمَّن الأضلاع والزوايا فوق الكهف الذي ولد فيه السيد في بيت لحم، فأضافتْ إلى هذا المثمن بازيليقة فخمة، وفعلت مثل هذا عند كهف الصعود. وعند انتهاء هذا القرن الرابع بدأً النصارى يتناقلون خبراً مؤداه: أن القديسة هيلانة، بعد تفتيش دقيق وعناء شديد، وجدت ثلاثة صلبان في جلجثة، وأنها أحبت أن تتعرف إلى صليب السيد منها فلمست بها جسد مريضٍ شابٍّ وانتقتْ منها ذاك الذي شفى المريض، ولدى عودتها أذابت بعض مسامير الصليب في معدن خوذة قسطنطين الأول والآخر في لجام حصانه، كما أنها وزعت عود الصليب على كنائس عدة.

آريوس ثانيةً: ولم يتمكن المجمع المسكوني من استئصال بذور الشقاق، فالآريوسيون كانوا كثراً تؤيدهم قسطندية أخت الإمبراطور، ويقول المؤرخ صوزومينوس إن قسطندية أوصتْ أخاها وهي على فراش

٦٠