وبذلك انقطع كل امكان للروم بان يصمدوا في سورية، وفي خريف هذه السنة نفسها عاد العرب الى دمشق فدخلوها آمنين . وكان الخليفة أعلم الناس بخالد يقدر مواهبه ويعرف مواضع ضعفه . وكانت الحرب قد تطورت تطوراً كبيراً في مصلحة العرب الفاتحين ولكن ادارة البلدان المفتوحة كانت لا تزال ضعيفة تفتقر الى التنظيم . وكانت ثمة مشاكل ادارية وسياسية. ولم يكن خالد رجل ادارة وسياسة ، فرأى عمر ان لابد من وجود والى اعلى يمثل الخليفة في الشام ويدير سياستها بحكمة ولباقة. فانتقي لهذا المنصب أبا عبيدة وأرسله الى الشام حاكماً مفوضاً . ووصل ابو عبيدة قبيل موقعة اليرموق والمكنه ابقى القيادة بيد خالد لانه كان اعلم منه بتفاصيل الحرب واقدر عليها . فلما انتهت المعركة تسلم أبو عبيدة مقاليد الأمور فوزع السلطات العسكرية بحكمة ودراية واحتفظ بخالد به. واتجه شمالاً ولم يلق مقاومة تذكر قبل قنسرين ( خلقيس ) ، فدخل بعلبك وحمص وحلب وانطاكية بسهولة ملحقاً عودة الروم الى الميدان : وقضى هرقل سنة مستجماً بعيداً عن ميدان القتال، وكانت الجزيرة بين العراق والشام لا تزال خاضعة للروم. فراسلت قبائلها العربية النصرانية هرقل تطلب منه العون على مهاجمة العرب المسلمين. فراسلها بدوره وحظها على التجمع ريثما تتلقى مدداً يأتيها بحراً من مصر . واقبل هرقل يعد الجيوش مرة اخرى . وجدد الأمل بنوع خاص لان معظم تفور الشام على البحر كانت لا تزال خاضعة له وطريق البحر لا يزال مفتوحاً امامه. وفي السنة ٦٣٨ ابحرت جيوش الروم من الاسكندرية بقيادة قسطنطين ابن هر قل. والقت الحملة مرساها في اللاذقية الطبري، ج ۱، ص ٢٣٤٧ وما يليها . ٢٤٥
صفحة:الروم في سياستهم وحضارتهم ودينهم وثقافتهم وصلاتهم بالعرب (1951) ج.1.pdf/246
المظهر