في مجموعة قوانينه الكبرى وفي قوانينه المستجدة في نظام الأكليروس وفي ادارة الاديرة والأوقاف وغير ذلك ما كان يلحق بشؤون الكنيسة . وكان بوستنيانوس في مقابل هذا ابداً مستعداً للدفاع عن الكنيسة ورفع الضيم والأذى عنها تأييداً لها بالمال والنفوذ كيا تقضي على الهرطقة في صفوفها . وكان ايضاً يبذل بسخاء لتشييد الكنائس والأديرة والمقامات في طول الامبراطورية وعرضها . وكان يرستنيانوس ارثوذكسي العقيدة كما سبق ان اشرنا فأصدر في السنة ٥٢٧ وفي السنة ٥٢٨ قوانين صارمة ضد الهرطقة . فأبعد الهراطقة عن الوظائف والمهن الحرة ومنع اجتماعاتهم واغلق كنائسهم . ثم حرمهم حقوقهم المدنية قائلا : يكفي هؤلاء أن يؤذن لهم بالعيش. واضطهد الوثنيين وحملهم على التنصر جماعات جماعات . ورأى ضرورياً ان يقضي على عقائدهم وفلسفاتهم فأمر في السنة ٥٢٩ باقفال جامعة آثينة . ودر هياكل ايسيس وعمون في مصر . ولم يكن أقل شدة في موقفه من اليهود . فنشبت ثورة السامرة في السنة ٥٢٩ وجرت عليهم ضيقاً وخوفاً فوق ما كانوا يكابدون . ولم ينج من الاضطهاد سوي أصحاب الطبيعة الواحدة لأنهم كانوا اقوى الهراطقة واكثرهم عدداً . فرهبانهم في مصر كانوا يؤلفون جيشاً متراصاً مستعداً لتنفيذ أوامر بطريركهم واعيانهم . وكانوا في سورية وفلسطين ولبنات والرها وارمينية لا يزالون يتربعون في اعـلى المراكز ويتمتعون بعطف وتأييد في قلب العاصمة نفسها . وكان بوستنيانوس شديد الايمان بكنيسة واحدة جامعة مقدسة رسولية . فما ان نبوأ خـاله عرش الامبراطورية حتى عمد الى ازالة الانشقاق بين كنيسة القسطنطينية وكنيسة رومة ، على أنه لبت يواجه مشكلة أخرى. ذلك ان ولاياته الشرقية كانت تشتمل على عدد كبير من القائلين بالطبيعة الواحدة . فوجد نفسه بين شرين : شر الابتعاد عن رومة وعن الكنيسة ۱۸۰
صفحة:الروم في سياستهم وحضارتهم ودينهم وثقافتهم وصلاتهم بالعرب (1951) ج.1.pdf/181
المظهر