صفحة:الديمقراطية في الإسلام (1952) - العقاد.pdf/88

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

٨٤ هي الفاصلة ، بل الفاصل هنا هو القوة المتجمعة من الهداية والمهتدين... وإذا عجزوا عن الهداية فالجريرة هنا جريرة عجزهم قبل أن تكون جريرة أتباعهم أو من ينبغى أصحاب العدد الكثير ، أن وفيها أجملناه من الكلام على الديمقراطية الاجتماعية في فصل آخر بيان واضح لهذه الحقيقة ، وخلاصتها أن التعاون على النصحية شرط لقيام الشورى على أساسها الصحيح . أما إذا وقع التخاذل بين الناس وبطلت الثقة بين كبارهم وصغارهم فليست الجائحة هنا طغيان طائفة على طائفة ، أو رجحان عدد على عدد ، ولكن الحائحة الكبرى هي انحلال البنية الحية وانفراط عقد الاجتماع ، ولا تصلح هذه الحالة للشورى ولا للطغيان ، فلا موضع للشورى في أمة أعضاؤها أشلاء لا تربط بينها روابط الحياة ، ولا خير في الطغيان بحال الأحوال إن ديمقراطية الأمة السياسية ديمقراطية حياة لا ديمقراطية حساب وميزان ، ومتى تبينت هذه الحقيقة تبينت حكمة الإسلام في الأمر بالشورى وفى التفرقة بين كثرة الأقوال وصواب الأقوال ، فإنما الصواب لأهل الذكر ، فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون » ، وإنما الفضيلة ندرة في كل شيء فيه فاضل ومفضول ، وإنما الشورى اجتماع القوة ممن يشير وممن يشار عليه، وليست هي التناجز والتنابذ بين هؤلاء وهؤلاء . ی ومن ثم يقول الإسلام : « وأمرهم شورى » . ومن ثم يقول : « إن أكثر الناس لا يعلمون » ومن ثم يقول : « فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون » . -