صفحة:الديمقراطية في الإسلام (1952) - العقاد.pdf/86

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

AY من الجرأة وعلو الهمة أكبر وأعظم . . . ولا تصدق أن أحداً من البشر يمكنه تخطى المألوف وتسهل عليه مخالفته ، فهناك عقبة كؤود وهوة هائلة لا يجتازها إلا فحول الأبطال ونوابغ الرجال وأعظم مزايا الأنبياء اقتحامهم مخالفة أقوامهم وما كانوا فيه من ضلال . . . ولو لم يكن لهم إلا تلك المزية لأعظم من شأنهم من ينصفهم واوجحد رسالاتهم وأنكرهم ، واوجد لهم فضلا كبيراً » . هكذا كان رأى جمال الدين في مسألة الكثرة والقلة ، ولم يكن مخالفاً فيه لرأى كبار العلماء في صدر الإسلام ، فقد كانوا يسمون العامة الجهلاء بالغوغاء وهي الجراد المخرب ، وكان بن عباس يقول إنهم ما اجتمعوا إلا ضروا وما تفرقوا إلا نفعوا ، لأنهم يتفرقون فيه فيذهب كل منهم إلى عمله . ومع هذا الرأي في الكثرة والقلة كان المصلح الكبير يطلب النظام البرلماني ، بل يطلبه مع العلم بعيوبه عند نشأته . إذ قال ، وهو يجاهد في مطالبته ولاة الأمور بتقرير الحكم الدستوري : « إنكم سترون عما قريب – إذا تشكيل المجلس النيابي المصرى ـ أنه سيكون ولا شك بهيكله الظاهر مشابهاً للمجالس النيابية الأوربية ، بمعنى أن أقل ما سيوجد فيه من الأحزاب ا حزب للشمال وحزب لليمين ، ولسوف ترون إذا تشكل مجلسكم أن حزب الشمال لا أثر له في ذلك المجلس لأن من مبادئه أن يعارض الحكومة ... » . ثم قال

« ليس لي في هذه الفراسة أدنى فضيلة ، لأن المقدمات

الصحيحة هي التي تنتج النتائج الصادقة « ومقدمات مجلس نيابي تحدثه قوة خارجة عن محيط الأمة