صفحة:الديمقراطية في الإسلام (1952) - العقاد.pdf/83

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

V4 في رأينا طريقة الفاروق الذي خلقه الله ليقيم الدول ويبنى قواعد النظام ، فإنه رضى الله عنه كان لا يقصر مشورته على كبار الشيوخ وأئمة القوم ، بل يلتمس الرأى من الشبان أحياناً كما روى يوسف بن الماجشون « فكان إذا أعياه الأمر المعضل دعاهم فاستشارهم لحدة عقولهم » . وكان أسلوبه إذا أراد أن يختار والياً أن يذكر الشرط ويترك للسامعين الاختيار ، وسأله أصحابه مرة : ما شرطك في الوالي الذي تريده ؟ قال : « إذا كان في القوم وليس أميرهم كان كأنه أميرهم وإذا كان أميرهم كان كأنه رجل منهم » ربما انتشار الأعداء كما استشار الهرمزان في الحرب الفارسية ، ثم يعرض المشورة على رأيه ليعلم منها موضع النصح أو موضع التدليس . إلا أن الشورى التي أمر بها الإسلام لم تكن مسألة عدد ولا مسألة وزن ، ولكنها مسألة حيوية يراد بها أن تعمل كما تعمل وظائف الأعضاء في البنية الحية فمنها : « وما يتبع أكثرهم إلا ظنا » . ومنها : « ولكن أكثرهم للحق كارهون » . ومنها : « ولكن أكثرهم يجهلون » . فليست كثرة العدد هي مناط الصواب في الشورى الإسلامية ، وآياته البينة واضحة لأن القرآن الكريم صريح في إبطال هذا في التفرقة بين أكثر الأقوال وأصوب الأعمال الوهم C 6