صفحة:الديمقراطية في الإسلام (1952) - العقاد.pdf/32

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

۲۸ إلى عوارض التاريخ إذ الواقع أن الجزيرة العربية عرفت قبل الإسلام ضروباً من الطغيان والاستبداد لا تقل عن ضروبه المشهورة التي عرفت في الشعوب الأخرى ، وأن قبائل من العرب الحاضرة والبادية قد سادها ملوك يعتزون بالأمر والنهي بين رعاياهم بغير وازع ولا معترض ، ويقيسون عزتهم بمبلغ اقتدارهم على إذلال غيرهم واستطالتهم على من يدعى العزة سواهم وليس أكثر من روايات هذه العزة الحمقاء أو العزة العمياء، في كتب الأخبار والأمثال . قيل في أسباب المثل القائل « لاحر" بوادي عوف » إنه يقهر من حل بواديه ؛ فكل من فيه كالعبد له لطاعتهم إياه . وقيل في أسباب المثل القائل « أعز من كليب وائل» إنه بلغ من عزه أنه كان يحمي الكلأ فلا يقرب حماه ويحير الصيد فلا يهاج، ويمر بالروضة تعجبه أو بالغدير يرتضيه فيرمى عنده بكليب ثم ينادي بين القوم أنه حيث بلغ عواؤه كان حمى لا يرعى . . . وكان من عزه لا يتكلم أحد في مجلسه ولا يحتبى أحد عنده ، ولذلك قال أخوه مهلهل بعد موته : نبئت أن النار بعدك أوقدت واستب بعدك يا كليب المجلس وتكلموا في أمر كل عظيمة لو كنت شاهد أمرهم لم ينبسوا ) ... C

وفي تاريخ عبيد بن الأبرص من شعراء المعلقات مثلان بارزان على السطوة الغاشمة التي كان الملوك يفرضونها على رعاياهم فيسمى بعضهم بعبيد العصا كما سمى قوم الشاعر بنو أسد ، وتستباح الدماء ا