صفحة:الديمقراطية في الإسلام (1952) - العقاد.pdf/23

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

التوكيد عن المساواة الطبيعية بين الناس في كتابه الموسوم بالقوانين ، وقال : « إننا مولودون للعدل وإن الحق مستمد من الطبيعة لا من أفكار الناس ، وإن هذه الحقيقة تتضح أمامك على الأثر حيث تنظر إلى عشرة الناس واختلاط الإنسان بينى نوعه ، فما من شيء هو مشابه لشيء ومعادل له كما يتشابه كل منا . ومهما نطلق على الإنسان الواحد تعريفاً معيناً له فهو منطبق على جميع البشر ، وإنه لبرهان كاف على أنه لا فرق في النوع بين إنسان وإنسان » . . ۱۹ . إلا أن المساواة في هذا الكلام أشبه بالمساواة في حدود التعريفات المنطقية والصفات الطبيعية ، ولم يستوجب به شيشرون أمراً غير الرجوع بالقوانين إلى الطبيعة وإجراء الأحكام على سنن العدل والمساواة ، وأن يكون الضابط للعلاقات بين المواطنين في كل وطن ، وهذه نزعة ترددت في أقوال المشرعين والفقهاء من الرومان لاشتغالهم بتأسيس قواعد القوانين ، وكلهم مجمعون على أن قانون الطبيعة عام بين الإنسان والحيوان فضلا عن عمومه بين بني الإنسان ، وفي ذلك تقول فاتحة المجموعة التي وضعت على عهد جستنيان لتعليم طلاب الفقه : « إن قانون الطبيعة هو الذي علمته جميع الأحياء ولم يختص به بنو الإنسان ، بل يشركهم فيه كل حى يطير في الهواء ، أو يمشى على الأرض ، أو يسبح في الماء » ، ثم تقول : « إن قانون رومة وقوانين الأمم تختلف ، لأن قوانين كل أمة تحكمها العادات والمأثورات بعضها خاص بها وبعضها مشترك بينها وبين سائر بني الإنسان » . ا