صفحة:الديمقراطية في الإسلام (1952) - العقاد.pdf/18

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

بمعنى أن الشعب يتولى بنفسه شئون حكومته ، وليس بالصحيح كذلك أن الحكومة الديمقراطية هي الحكومة التي يرتضيها الشعب ويطمئن إليها ، فلا بد من صفة أخرى غير هاتين الصفتين لتمييز الديمقراطية من الأنظمة المخالفة لها ، ولا بد من الرجوع إلى الواقع لبيان هذه الصفة التي تصدق على الديمقراطية في عرف الأقدمين . بدأ النظام الديمقراطي في إسبرطة من بلاد اليونان ولم يبدأ في أثينا موطن الفلاسفة وأصحاب الدراسات الفكرية ، وتقرير هذه الحقيقة مهم جدا للعلم بطبيعة النظام الديمقراطي الذي نشأ في ذلك الزمن ، فهو نظام عملی قائم على ضرورات الواقع ، وليس بالنظام الفكري القائم على توضيح المبادئ وتمحيص الآراء . ، ی وكان ابتداء هذا النظام على يد ليكرغ Lye urgues في القرن الثامن قبل الميلاد ، ويروى أنه ذهب إلى معبد دلفي ليستشير الآلهة في وضع نظامه، فقال له الوحى إنه محبوب الآلهة ، وإنه مأذون بوضع النظام الذي يرتضيه ، وخلاصة نظامه أن يقوم على الحكم ثلاثون زعيما منهم ملكان اثنان لهما سلطان واسع في أيام الحرب ولا يمتازان بسلطان كبير في أيام السلم بين سائر الزعماء ، ويجرى انتخاب الزعماء بطريقة توافق ذلك الزمن ، فيوضع الكتبة في مكان مغلق بحيث يستمعون منه إلى الأصوات من وراء الجدران ولا يبصرون شيئاً في خارجها ، ويجتمع الشعب من حاملي السلاح في ساحة قريبة إلى ذلك المكان ، ثم يتقدم المرشحون واحداً واحداً وكلهم ممن بلغ الستين أو جاوزها ، فكلما .