صفحة:الحجاب.pdf/4

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

وذهب برأسٍ مَمْلوءٍ حِكْمةً وَرَأْياً، وعادَ بِرَأسِ التَّمثالِ المثقوب لا يَمْلؤهُ إلاَّ الهواءُ المَُتَرَدَّدُ.

وذهب وَمَا على وَجْهِ الأَرْضِ أَحبُّ إِِليهِ مِنْ دِينهِ وَوَطَنِهِ، وعادَ وَمَا على وَجْهِها أصْغَرُ في عينهِ منهما!.

وكنتُ أَرى أَنَّ هذه الصُّوَرَ الغَرِيبةَ التي يَتَراءى فيها هؤلاءِ الضُّعفاءُ مِنَ الفِتْيانِ العائدينَ من تلكَ الدِّيَار إلى أوْطانِهمْ إنّما هيَ أَصْباغٌ مُفْرَغَةٌ على أَجْسامِهم إفْرَاغاً لا تَلْبَثُ أَنَّ تَطْلُع عليها شَمْسُ المَشْرقِ فَتَمْحُوها، كَأَنْ لم تكن، وأَنَّ مكان المدنيةِ الغربيّة من نُفوسِهم مَكانُ الوجهِ من المرآةِ؛ إذا انحرف عنها زالَ خيالُه مِنها.

فلم أَشَأْ أَنْ أُفارِقَ ذلك الصَّدِيق، وَلَبِسْتُهُ على عِلاَّتهِ وفاءً بِعَهْدهِ السَّابقِ، وَرَجاءً لِغَدهِ المُنْتَظَرِ مُحْتمِلاً في سبيل ذلك مِنْ حُمْقهِ وَوَسْوَاسهِ وفَسَادِ