انتقل إلى المحتوى

صفحة:الإسلام وأصول الحكم -علي عبد -الرازق 1925.pdf/29

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

من وزير أو قاض أو وال أو محتسب أو غيرهم ، كل أولئك وكلاء للسلطان ونواب عنه . وهو وحده صاحب الرأى في اختيارهم وعزلهم ، وفى إفاضة الولاية عليهم ، واعطائهم من السلطة بالقدر الذي يرى ، وفى الحد الذي يختار . (٦) قد يظهر من تعريفهم للخلافة ومن مباحتهم فيها انهم يعتبرون الخليفة مقيداً فى سلطانه محدود الشرع لا يتخطاها ، وأنه مطالب حتماً بان يسلك بالمسلمين سبيلا واحدة معينة من بين شتى السبل ، هي سبيل واضحة من غير لبس ، ومستقيمة من غير عوج ، قد كشف الشرع الشريف عن مبادئها وغاياتها ، وأقام فيها أماراتها ، ومهد مدارجها ، وأنار فجاجها ، ووضع فيها منازل للسالكين ، وحدد الخطى للسائرين ، فما كان لأحد أن يضل فيها ولا يشقى ، وما كان لخليفة أن يفرط فيها ولا أن يطغى . هي سبيل الدين الاسلامي التي أقام محمد صلى الله عليه وسلم يوضحها للناس حقبة من الدهر طويلة . هى السبيل التي حددها كتاب الله الكريم وسنة محمد وإجماع المسلمين . نعم هم يعتبرون الخليفة مقيداً بقيود الشرع ، ويرون ذلك كافياً في ضبطه يوماً ان أراد أن يجمح ، وفى تقويم ميله اذا خيف أن يجنح وقد ذهب قوم منهم الى أن الخليفة اذا جار أو فجر العزل عن الخلافة (۷) وقد فرقوا من أجل ذلك بين الخلافة والملك ، بأن «الملك الطبيعي هو حمل الكافة على مقتضى الغرض والشهوة ، والسياسي هو حمل الكافة على مقتضى النظر العقلى فى جلب المصالح الدنيوية ودفع المضار،