صفحة:الأصمعي حياته وآثاره (1955) - عبد الجبار الجومرد.pdf/21

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

للقرآن والأحاديث نزلوا فيها وسكنوها في أوائل تأسيسها وتبعهم عـدد من آخر من علماء التابعين من العرب والموالي ، كما سكنها معهم جمهور كبير المفكرين وطلاب العلم من شعوب غير عربية ذوي حضارة عريقة بالعلم والأدب والفن ، فانبعث من ذلك جو ديني علمي ، تبرعمت فيه تلك النهضة ثم تفتقت على مر الأيام ، وازدهرت بفضل وجود المسجد الجامع الذي أصبح مركزاً للدرس والتعليم ، و بفضل مجاورة « سوق المربد » الذي استحـال بعد قريب الى مركز ادبي سياسي واجتماعي ؛ وقرب الجزيرة العربية موطن اللغة الفصحى ومستودع الانتاج الفكري العربي القديم والجديد 6 ثم بدأ الدرس والتعليم في المسجد المذكور على شكل بدائي بسيط ، اخذ بالتطور والتوسع حين أخذ شيوخه وأساتذته في التوغــــــل والبحث والتدقيق شيئاً فشيئاً حتى أصبح شبيها بكلية علمية راقية ، تعقد فيه الحلقات من الطلاب على شكل دوائر ، يحيط كل منها باستاذ يتربع امامهم على منصة تتكى باحدى اسطوانات المسجد ، ويلقي عليهم محاضراته مما جمع في ألواحه او حفظ في ذاكرته من العلوم النقلية أو العقلية على اختلافها .. وقد لا يكون الدرس في فرع علمي واحد ، وربما تشعب في نفس الوقت الى تفسير للقرآن ، ورواية لحديث ، وقاعدة نحوية ، وفقه فروع مختلفة من لغوي ، مع شيء من الأدب والأخبار والأنساب وغير ذلك من كانت ابواب المسجد الجامع مفتوحة ليلاً نهاراً لكل راغب في الفائدة العلمية ما دامت هنالك حلقة معقودة لأستاذ الأساتذة .. وللطالب - حريته الكاملة بدون قيد او شرط في اختيار الحلقة التي يريد ملازمتها والأستاذ الذي يرغب الجلوس اليه والافادة منه ؛ كما له حق التنقل بين الحلقات متى - ۲۳ -